المسلمون من استعمال طريقة المربعات بله أن رسم الخطوط والزخارف الهندسية لم يكن ليلعب فيها الدور الكبير الذي لعبه في بلاد الإسلام.
وكذلك قلد البنادقة صناعة التجليد الإسلامية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ونقلوا بعض أساليبها، ونقلها عنهم غيرهم من صناع الغرب، فلا عجب إن وجدنا حتى الآن في صناعات التجليد الأوربية المختلفة كثيراً من تفاصيل الصناعة الإسلامية وزخارفها. ومعروف أيضاً أن بعض المجلدين المسلمين نزحوا إلى البندقية وعلموا البنادقة اختراعات المسلمين في هذا الميدان. ولا يزال (اللسان) المعروف في صناعة التجليد العربية موجوداً في تجليد بعض الكتب الأوربية، ولا سيما المحاسبين وأصحاب المصارف. ومما أشتهر به المسلمون في الأندلس وصقلية صناعة الصناديق من العاج، وفي المتاحف أمثلة عديدة منها، وبينها وبين أمثالها من صناعة أوربا في القرون الوسطى قرابة تنبئ عن تأثير الصناعة الإسلامية.
بقي أن نتحدث قليلاً عن المنسوجات في البلاد الإسلامية وعن أثرها الكبير في صناعات النسيج الأوربية ولسنا نجهل أن صناعة النسيج كانت زاهرة في فارس ومصر وسورية قبل الفتوح العربية، ولكن تعضيد الخلفاء والأمراء، وتولي الحكومة إدارة المصانع، وعادة الخلع التي كان يمنحها الملوك وأولوا الأمر، كل هذا جعل الصناعة تخطو في سبيل الكمال خطوات واسعة، وكثر الإقبال على المنسوجات الإسلامية وتهافت على شرائها التجار فعمت شهرتها أوربا في العصور الوسطى، وأصبحت أكثر أنواع المنسوجات في ذلك العهد تحمل أسماء شرقية أو تنسب إلى مدن إسلامية. ولما رأى التجار ذلك هب كثير منهم لإنشاء المصانع في أنحاء أوروبا المختلفة لمنافسة مصانع الشرق الأدنى والأندلس، وكان العرب قد أقاموا في صقلية مصانع شهيرة للنسج ظلت عامرة بعد أن تقوض سلطان المسلمين في الجزيرة، فتعلم الإيطاليون في هذه المصانع أسرار النسيج الإسلامي ودقائقه ونقلوه إلى بلدان إيطاليا المختلفة، وحفلت المنسوجات الحريرية الإيطالية في القرن الرابع عشر بالزخارف الشرقية حتى الكتابات العربية منها.
وبدأ النساجون الأتراك والإيطاليون منذ القرن السادس عشر ينافس كل منهما الآخر ويقلده، حتى لقد يصعب أحيانا التفرقة بين مصنوعاتهم؛ وظهرت في الأسواق بعد ذلك أحزمة من