الطلبة إذا طلبوه. وحول جزءا من معمله لاختبار الأسمدة الكثيرة التي تأتيه. وهرع إلى باريس يدبر لانتخابه عضوا في أكاديمية العلوم فما أفلح. ورحل بتلاميذه إلى معامل الجعة في (فالنسين٩ وإلى مسابك الحديد في بلجيكا. وفيما هو في هذا، تراءى له يوما أنه اهتدى إلى الطريقة السوية التي يثبت بها أن هذه العصى القصيرة تحيا حياة الخلائق، وأنها على صغرها، وعلى قصرها، وعلى حقارتها، تفعل فعل العمالقة - تفعل ما لا يستطيعه العمالقة: تحيل السكر إلى حامض اللبن
حدث (بستور٩ نفسه قال: (لا يمكنني أن أدرس هذه العصي في عصير البنجر المسكر وفيه ما فيه من أخلاط عدة. لا بد لي من عصير رائق أتتبع فيه ما تصنع هذه العصي. لا بد لي من ابتداع مرق صاف به غذاء طيب خاص لها، أضعها فيه، ثم أرقبها لأرى هل تتكاثر، هل تتوالد، هل أجد في هذا المرق بعد حين مكان العصا الواحدة عصيا راقصة كثيرة؟)
ووضع شيئا من تلك البقع الكدماء التي كانت بالحياض المريضة في محلول من سكر نقي، فوجد أن العصي لا تتكاثر فيها، فقال:(إنها تريد غذاء أمرا من هذا). فجرب بطلب الغذاء المريء فخاب. ثم جرب وخاب. وأخيرا صنع لها مرقا غريبا بأن أخذ شيئا من خميرة جافة، فأغلاه بالماء ثم صفاه، وأخذ مرقه الرائق فأضاف له شيئا من كربونات الكلسيوم ليضيع ما قد يحدث فيه من حموضة. وأتى بإبرة فغمسها بالبقع الدكناء بالحياض المريضة، وحمل ما علق بطرفها الرفيع من العصي الصغيرة إلى مرقه ودافها فيه. ثم وضعه في قارورة وضعها في فرن دافئ للتفريخ ذي درجة حرارة ثابتة، وأخذ ينتظر في قلق واضطراب. أن لعنة هذا البحث، بحث المكروب، يجدها الباحث دائما في هذه الخيبات المتوالية الكثيرة التي تعوق النجاح طويلا
وذهب فأمضى رجعات، وألقى محاضرات، وعاد إلى قارورته ينظر إليها وهي في مدفئها. ومضى مرة أخرى فألفى فلا حين جاءوا يستنصحونه في محاصيلهم وأسمدتهم فنصحهم بالذي ارتآه. وجاءت أوقات الطعام فابتلع منه ابتلاعا ولم يع مما أكل شيئا. وعاد فنظر إلى قارورته واصطبر. وذهب إلى سريره جاهلا بالذي يجري في تلك القارورة، وليس من اليسير النوم في مثل هذه الجهالة. . .