المحصورة؛ وحرم شرب الخمر من نبيذ وغيره، وكسرت أواني الخمور وأريقت في كل مكان، وأمر بتتبع الكلاب وقتلها أينما وجدت، فطوردت في كل مكان وأعدمت حتى خلت منها كل الطرق والدور؛ وفي هذا العام أيضاً حرم على كل من يركب مع المكاريين أن يدخل راكباً من باب القاهرة، وحرم ذلك على المكاريين أنفسهم، وحظر على التجار والباعة أن يجلسوا على باب الزهومة (من أبواب القصر)، وألا يمشي أحد بحذاء القصر، ثم أعفى المكارية بعد ذلك من الأمر وصدر لهم أمان خاص
وهكذا اضطربت أوضاع الحياة الاجتماعية المصرية، واستمر تطبيق القوانين والأوامر الجديدة على اشده. وفي سنة ٣٩٨هـ صدرت عدة مراسيم جديدة؛ فمنع الناس من التظاهر بالغناء، ومن ركوب البحر للتفرج، وذلك لمناسبة نقص النيل في هذا العام؛ وشدد في منع بيع الخمور؛ ثم صدر مرسوم بمنع الناس كافة من الخروج قبل الفجر وبعد العشاء، فزادت المعاملات اضطراباً واشتد الأمر على الكافة، وسرى إليهم الخوف والجزع، واشتد الغلاء، وتفاقمت الحال بظهور الوباء، وعصف المرض والموت، وعز القوت والدواء. وفي سنة أربعمائة صدرت أوامر جديدة بالتشديد في حظر الخمور وبيعها؛ ومنع ركوب المراكب في الخليج، وسدت أبواب القاهرة التي تلي الخليج وأبواب الدور والطاقات المطلة عليه وعوقب الكثيرون من اجل إحراز الفقاع والملوخية والسمك الذي لا قشر له ومن اجل بيع النبيذ وإحرازه، وكانت العقوبة تصل في أحيان كثيرة إلى الإعدام. وفي سنة اثنتين وأربعمائة منع النساء من زيارة القبور، فلم ير في الأعياد بالمقابر امرأة واحدة، وحظر الاجتماع على شاطئ النيل للتفرج؛ وحرم لعب الشطرنج وعوقب المخالفون بالجلد؛ وحظر بيع الزبيب واستيراده، واحرق جميع ما كان موجوداً منه، وحظر بيع العنب إلا أربعة أرطال فما دونها حتى لا يستعمل في صنع النبيذ، وحظر عصره واتلف كثير منه واغرق في النيل أو ديس في الطرقات، وسير المأمورون إلى الجيزة، وكانت يومئذ عامرة بحدائق الكروم فأتلفوا كرومها، وصودر ما كان في معاصرها ومخازنها من جرار العسل، وكسرت وأريقت في النيل، وحدث مثل ذلك في سائر الجهات
وفي سنة أربعة وأربعمائة صدر مرسوم بتحريم صناعة التنجيم والكلام فيها، وان ينفى المنجمون من سائر المملكة، فاستغاث المنجمون بالقاضي الأكبر مالك بن سعيد الفارقي،