للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سوء منقلبها، وصبت اللعنات على هذا الحبيب الشيطان الذي ردها بعد جمالها إلى ذا الخلق الشائه، وصيرها إلى ذاك المصير المؤلم. لقد كانت تتحين الفرصة لتستطيع أن تفلت من رقابته الثقيلة، ولكن كي؟ إن الخبيث كان إذا أضناه السهد وأعياه السهر، ينام بخمسين عيناً، ويقدح الشرر بخمسين أخرى!! فإذا استيقظت هذه نامت تلك، وهكذا دواليك، حتى تشرق الشمس فتصحو المائة كلها! وكانت تقابل صواحبها عرائس البحر كلما مررن بها، فتود لو تستطيع مخاطبة إحداهن، ولكن. . . هيهات! لقد كانت. . مو. . مو. . تنطلق من فمها الكبير مالته أشداقها، فتنزعج أيما انزعاج!

ومضت أيام. . . وأيام. . .

ثم لقيت أباها مرة، فنظرت إليه وهو ينكرها، ونظرت، ولكنه لم يستطع أن يفسر نظراتها، فذرفت أحر الدموع وأدمى العبرات! وحاولت أن تلفته إلى أنها ابنته، فلم يأبه لها!

وبدا لها أن تخط على ثرى الشاطئ حكايتها، وما كادت تفعل حتى فطن أبوها لما تريد، فلما قرأ ما رقشته في أديم الرمل، أجهش المسكين وسكب دموع الحنان، ثم عانقها عناقا طويلا! ولكنها أسقط في يديه! إذ ماذا يستطيع رب نهر صغير أن يصنع في سحر الإله الأكبر!؟

ولما شهد أرجس ما كان من بكاء البقرة، ثم بكاء رب النهر وعناقه إياها، تأثرا باديا. . ولو لم يفقه من كل ما كان شيئا. ثم ذكر وعيد حيرا، فنطلق بالمسكينة إلى مكان سحيق، وثمة، تخير بقاعاً عاليا أقام ليشرف منه على كل شيء، فلا يخشى على بقرته رهقاً، ولا تستطيع هي مهربا

وذكر زيوس فتاته المسكينة التي كان حبه إياها سبب تعسها وشقائها، وذكر تلك الأويقات الحلوة التي يسرت له فيها أصفى لحظات السعادة، التي لم يتيسر له مثلها في مملكة الأولمب على ما جمعت من صنوف الرفاهة والنعيم، فثارت في قلبه عوامل الرحمة، وتحركت في صميمه تلك الشفقة الآلهية التي اتصف بها في قديم الآباد

وفكر وفكر. . . ثم استدعى من فوره ابنه من زوجته مايا، البطل الطيار المشهور، هرمز، وأمره بالتوجه إلى حيث أرجس فيحتال عليه ويقتله

ومرق هرمز كالسهم إلى حيث الأكمة التي جلس فوقها أرجس، فألفاه يحرس البقرة حراسة

<<  <  ج:
ص:  >  >>