نرى رومان رولان (أخلاقيا) يطالب الفرد بأن يكون قوي الخلق عظيم النفس، حنون القلب محبا لكل الناس، راغباً في معرفة كل شيء، مستعذباً التضحية في سبيل الفكرة السامية. فبهذا وحده نستطيع أن نقبل راضين مجتمعاً جديداً مترفعاً عن الدنايا كارهاً لضروب الرياء الذليل، بعيداً كل البعد عن الأنانية الحيوانية. ولهذا أيضاً كان رومان رولان يهيم بحياة الأبطال الذين يرى فيهم مثلا أعلى لما يجب أن يكون عليه الفرد من الفضائل. فنراه يكتب - كما ذكرنا - قصتيه المسرحيتين (سان لويس) و (دانتون). ثم نراه بعد ذلك يكتب ثلاث تراجم بعنوان (حياة الرجال المشهورين) أولاهما عن (حياة بيتهوفن)(١٩٠٣) والثانية عن (حياة ميشيل آنج)(١٩٠٦) والثالثة عن (حياة تولستوي)(١٩١٣)، ثم أخيراً يصدر كتابه الشهير عن (مهاتما غاندي)(١٩٢٦).
ويرى رومان رولان أننا في عصرنا الحاضر أحوج ما نكون إلى دراسة أولئك الأبطال (لأن أوربا الآن يغشاها جو خانق مفعم بالرذيلة. إذ طغت المادية الوضعية على الفكر. . . . إن العالم يختنق. فلنفتح النوافذ حتى يدخل الهواء الطلق العليل. فلنستنشق نفثات الأبطال) وما هؤلاء الأبطال إلا أولئك الذين نرى فيهم - كما يقول رومان رولان - (روح البطولة. ورجاحة العقل والابتسامة الدائمة، وشهوة النور والمعرفة. تلك الصفات التي نراها في فرنسا في رابليه وموليير وديدرو، وبين الموسيقيين نستطيع أن نقول بيرليوز وبيزيه لأنه لا يوجد خير منهما).
على أن رومان رولان يرى في بيتهوفن وفي ميشيل آنج وتولستوي عبقريةً لم يجدها في أبناء وطنه. فيرى في بيتهوفن الشخص (الذي منه تنتقل عدوى الشجاعة الخارقة. والإحساس بالسعادة في الكفاح، وتغلب الضمير الذي يشعر في نفسه بأنه إله). ويرى في تولستوي (ذلك النور الذي انطفأ، والذي كان لأبناء جيلين أطهر نور أضاء شبابهم) وهو يجد فيه أيضاً (الصديق الحقيقي الوحيد بين كل رجال الفن المعاصر). ولسنا في حاجة إلى تأكيد الصلة الوثيقة بين تولستوي ورومان رولان، إذ أن تولستوي هو الكاتب الوحيد بين الكتاب الحديثين الذي طالب بأن تكون رسالة الفنان أخلاقية ودينية. وهذا هو اظهر ما يميز فن رومان رولان ودعوته.
ونحن إذا نظرنا الآن إلى هؤلاء الثلاثة الذين يمجدهم رومان رولان رأينا أن أولهم ألماني،