المكروبات. وهناك، في ذلك المكان الأبعد توجد مكروبات غير تلك التي وجدناهاأولاً. . . . وهذا مكان آخر، قد هدأ هواؤه هدوءاً بالغاً، فلم نجد فيه مكروبا أصلاً). وأراد أن يمهد لانتصارات أخرى، فقال:(لوددت أن أصعد في منطاد إلى طبقات أعلى في الجو فأفتح فيها قباباتي). ولكن سامعيه اغتمروا حساً بحديثه، واكتفوا بالذي كان، ووثقوا بالذي يقول، فلم يعد بستور عندهم عالماً باحثاً عادياً فحسب، بل وقع من حسبانهم موقع أولئك الأفذاذ الذين يجود الدهر بهم آنا بعد آن. كان بستور أول الأبطال المخاطرين في عصر المغامرة الذي تلا، والذي سنتحدث عنه في هذه القصة بعد حين
وكان بستور كثيراً ما يفور في خصوماته بالتجارب البارعة التي كانت تترك خصومه طرحى صرعى. ولكن في بعض أحايين كان فوزه لضعف في خصومه أو لغباوة فيهم. وأحياناً كان يأتيه الفوز حظاً ومصادفة. قام بستور يوما في جماعة من الكيميائيين فحط من المقدرة العلمية للطبيعيين صاح فيهم:(فإن أعجب فعجبي لهؤلاء القوم كيف لا يدخلون على العلم من بابه، من باب التجربة. فإنهم لو فعلوا، إذن لنفخوا في علمهم روح الحياة). وأنت تستطيع أن تتصور ما كان من كره الطبيعيين لهذا المقال. فقد كرهه بخاصة المسيو يوشيه مدير متحف روان وشركه في كرهه الأستاذ جولي والأستاذ موسيه وهما الطبيعيان الشهيران بكلية تولوز. ثلاثة من أعداء بستور لم يستطع شيء في الدنيا أن يقنعهم بان تلك الأحياء المكرسكوبية إنما تتخلق من آباء. لم تستطع حجة أن تذهب باعتقادهم في إمكان نشوء الحياة والأحياء من ذوات أنفسها. ومن أجل هذا أجمع الثلاثة أمرهم على أن ينازلوا بستور في أرضه وبنفس سلاحه
فملئوا مثله القوارير، ووضعوا فيها الأحسية على مثال ما صنع، وأغلوها وختموها كما أغلى وختم، إلا أنهم اتخذوا أحسيتهم من مرق الأعشاب الجافة لا كما اتخذها هو من أمراق الخمائر. وحملوا قواريرهم إلى جبل مالاديتا في البرنيز فأخذوا يصعدون فيه ثم يصعدون حتى بلغوا مكاناً أرفع مما بلغ بستور على جبل مون بلان في سويسرا. وهناك خرجت عليهم من مغاور الثلوج رياح قارسة نفذت من خلال أكسبتهم الغليظة إلى جلودهم. وزلقت رجل المسيو جولي من فوق كتف الجبل، فكاد يذهب ضحية العلم لولا أن أمسك بعض الأدلاء بذيل كسوته. وقاموا وهم في هذه الحال بفتح القوارير وملء فراغها بالهواء ثم