للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ختمها. ونزلوا يجرون أقدامهم، وقد نال الجهد منهم والبرد، فدخلوا إلى خان في الطريق فنصبوا فيه محضنا حيثما اتفق، ثم أودعوه قواريرهم. وبعد أيام نظروا إليها فبرقت أساريرهم لما رأوا أمراقها تعج بالخلائق الصغيرة. إذن لقد أخطأ بستور

وعندئذ أشهروا الحرب بينهم وبينه. وقام بستور يهزأ في الناس بتجارب الأسياد: يوشيه وجولي وموسيه. وقارعهم بحجج نعلم نحن اليوم أنها كانت تمحكا ولجاجة

فرد عليه يوشيه. قال فيما قال: (إن بستور قدم قواريره هو إنذاراً أخيراً للعلم ليدهش كل إنسان). فغضب بستور واهتاج، ووسم يوشيه بالكذب، وطلب اعتذاره على رؤوس الأشهاد. وخيل للناس أن الفصل بين الحق والباطل سيكون للدماء الصبيبة بدل التجارب الهادئة. وكان من بعد ذلك أن احتكم يوشيه وصديقاه إلى تجربة يجرونها بين رجال أكاديمية العلوم، فإذا وجد واجد أن قارورة واحدة من قواريرهم خالية من المكروبات عقب فتحها، إذن لأقروا بأنهم مخطئون. وجاء اليوم الموعود، واقتربت ساعة النزال، ساعة الاحتكام إلى القوارير، واشرأبت أعناق الناس، ودفئت قلوبهم في انتظار ما يكون. ولكن خصوم بستور رجعوا على أعقابهم ناكصين. فروا من المعركة قبل أن تكون. فقام بستور نفسه بتجاربه أمام المحكمين، أجراها في وثوق واطمئنان، وسخر من خصومه وهو يجريها. وبعد قليل أعلن المحكمون (أن الوقائع التي ارتآها المسيو بستور، فخاصمه فيها يوشيه والمسيو جولي والمسيو موسيه حقائق لا تحتمل النزاع ولا تسمح بالخصومة)

انتصر بستور بالحق، وكذلك انتصر بالحظ، فإن خصومه لم يكونوا مخطئين في الذي وصوفه من تجاربهم. لأنهم لسوء الحظ اتخذوا أمراقهم من العشب، لا من حساء الخمائر. وقد أثبت العالم الإنجليزي تندال بعد ذلك بسنوات أن هذه الأعشاب تحمل جراثيم مكروب تصمد للغليان ساعات فلا تموت. فالذي أنهى الخصومة بين بستور وأصحابه إنما هو في الحق تندال. وهو هو الذي أثبت ان بستور مصيب

- ٥ -

وعندئذ حظى بستور بالمثول بين يدي الإمبراطور نابليون الثالث. فقال لهذا الملك الحلام إن كل أمله أن يعثر على تلك المكروبات التي تتسبب عنها الأمراض يقيناً، ودعاه الملك إلى نزهة ملكية في كومبين وهناك صدر أمر الملك إلى ضيوفه بالاستعداد للصيد، فتوسل

<<  <  ج:
ص:  >  >>