للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكاد إيجوس يرفض هذا الهوان الذي طلب إليه أن يؤديه عن يدٍ وهو صاغر، ولكن الشعب هاج هائجه، وضج الرعاع يطلبون الخبز، أو تسليم المدينة، أو. . . دم الملك!!

فذل إيجوس المسكين وصغر، وقبل شروط مينوس مرغماً، واختير من شباب المدينة سبع كواكب أتراب، وسبع فتيان في ريعان الصبى، وشيع هؤلاء وهؤلاء إلى الأسوار بين بكاء الأمهات وعويل الآباء وآلام المحبين!

وهرع الكريديون إلى خيامهم فاقتلعوها، وإلى شراعهم فنشروها، وأقلعوا في الصباح الباكر بعد أن القوا على كبرياء إيجوس هذا الدرس المهول!

ومضت سنون وأثينا العظيمة تؤدي الفدية عن يد وهي ضارعة، حتى ثارت كبرياء ثيذيوس وفارت نخوته، وتقدم إلى أبيه الملك الشيخ، حين دعا النفير العام لتقديم الفدية، يضرع إليه أن يكون هو الفداء الرابع عشر من شباب هذا العام: (على الأقل يا أبي يكون هذا بعض العزاء للأثينيين، وليثقوا أننا لا نذلهم، وأننا منهم وهم منا، وأننا آخر الأمر، نشرب الكأس التي يشربون!)

وصعق الوالد حين تقدم إليه ولي عهده بهذا الطلب، ورفض رفضاً باتاً. . ويغلي الدم في راس البطل، فيقول للملك: (إذن فأنا أحطم كأس الحياة التي أفعمت مذلة وهوانا، وسأريق مع سمها الأسود هذا الدم الأرجواني الذي لا استحقه، ولا أشرف به. . أبتاه! لن تتحرك السفينة الحزينة حاملة ضحايا قسوتنا واستبدادنا حتى أحييها بحياتي، وأرويها بدمي، ليكون قرباناً لمن عليها من عشيرتي ولداتي. . .)

وقبل أن يفصل البطل الشاب، ناداه والده باكياً، ونهض فباركه، وقبل، والهم يمزق أحشاءه، أن يكون بين الضحايا. .

وفي الحق إن ثيذيوس لم يكن يعرض نفسه للتهلكة، ولكنه كان واثقا من شجاعته، مؤمنا بما وهبته الآلهة من جلد وبأس، وقلب لا يفله إلا الحديد، لأنه من حديد. ولقد صمم أن ينازل هذا المينوطور الخبيث، فأما قتله وعد مرفوع الرأس، موفور الكرامة، ليعيش في وطنه منقذا لأثينا، وإما قضى القضاء أمره فيه، وليس هو بأعز ممن راحوا ضحية هذا الوحش المخيف!

وقال لأبيه وهو يودعه، حينما ركب المركب السوداء التي يرفرف عليها علم الموت (أبي!

<<  <  ج:
ص:  >  >>