لا تبك! إنك ملك، ودموع الملوك لا تذرف إلا في سبيل الوطن! إنني ذاهب إلى معركة أرجو أن يكتب لي النصر فيها! لقد كنت أتغلب على عشرات من أمثال هذا الوحش ولما أكن بعد إلا طفلاً. . . ادع لي أن أفوز به، فأريح أثينا العزيزة من شره)
وأقلعت السفينة تحمل هذه الفلذات الغالية من أبناء البلاد، ومخرت في بحر تلاطمت أمواجه، وزخرت أثيابه، واشمخر أنفه، وانتفخت أوداجه، حتى وصلت إلى كنسوس حاضرة كريت. وهرع الناس من كل فج يستقبلون ضحايا المينوطور، وفي وجه كل منهم عبوسة حزن، وملء قلوبهم ثورات مكبوتة من الأسى، على هذا الشباب الناضر الذي أقبل إلى الموت من قرار بعيد!
وكانت في الجماهير فتاة غضة الأهاب، بضة الشباب، حلوة ناعمة، نهضت في مركبتها لمشاهدة الضحايا الأثينيين، وما كادت عينها تصيب نظرة ثيذيوس، حتى أحست في أعماقها بنفحة السماء التي تسبق لفحة الحب!!
(ترى من يكون هذا الشاب الأنيق والفتى الرقيق؟
(إنه يقبل في غير وجل، ويقتحم الجماهير في غير هيبة! أعبر بحار الموت قبل هذا؟
(لا شك يا فتاة أنه أمير إن لم يكن ابن الملك!
(إن الحمرة التي تطير من الورد إذا قطف، ما تفارق خديه، وهو مقدم على الردى!!
(إن صفرة الموت تستحي أن تموه هذه الوجنات!؟. . .
(أمن السماء هذه الزرقة التي تملأ عينيه؟. . .
(بل مثله لم يخلق إلا ليكون زهرة هذه الحياة الدنيا. . .
(أيها الشاب. . . لن تموت!
وهكذا جعلت تتحدث تلك الغادة. . . الأميرة الجميلة بنت مينوس. . .!!
وكأنما قرأت وصيفتها الأمينة ما دهى سيدتها من حب الفتى قي كتاب عينيها، فقالت: (أتحس سيدتي بتعب؟
(لا يا فتاة. . ولكن انظري إلى هذا الفتى المتفتح كالزهرة!
(والله يا سيدتي إنه جدير بعطفك، خليق برحمتك. . .
(وما العمل يا فتاة وليس لنا في إنقاذه يدان!