تحت أقدامهم، ودبر آذانهم، وأقبلوا على الله بخشوع وإخلاص، فجزاهم بما خشعوا وأخلصوا، قلوباً استنارت بالإيمان، وعمرت باليقين، وكان القلب منها وهو يخفق بين جوانح صاحبه، أكبر من الأرض وهي تجري في ملكوت الله. . . فملكوا بهذه القلوب الأرض، وفتحوا بها العالم!
أيا صوفيا التي بات فيها المسلمون سبعين وأربعمائة وأربعاً وسبعين ومائة ألف (١٧٤٤٧٠) ليلة، ولهم في جوفها دوي بالتسبيح والتكبير والتهليل كدوي النحل، وما في أرضها شبر لم يكن موطئ قدم مصل، أو مجلس قارئ، أو مقام ذاكر، أو مقعد مدرس أو سامع، وليس يحصى إلا الله، كم ختم فيها من ختمة، وكم ألقى فيها من درس، وكم ذكر فيها الله، وكم أقيمت فيها الصلاة!
أيا صوفيا التي تشهد كل حجرة فيها، وتشهد أرضها وسماؤها، وتشهد قبتها المشمخرة، وتشهد مآذنها السامقة، ويشهد الناس، ويشهد الله وملائكته، أنها بيت من بيوت الله، وحصن من حصون التوحيد، ودار من دور العبادة. . .
أيا صوفيا. . . تعود للجبت والطاغوت، وتحمل الصور والأصنام، ويخسرها الإسلام والشرق، ليربحها الكفر والغرب؟ لقد أريقت حول أيا صوفيا دماء زكية، وزهقت في سبيل أيا صوفيا أرواح طاهرة، من لدن معاوية إلى عهد الفاتح، إلى عهد عبد الحميد. . . أفراحت الدماء هدراً وذهبت النفوس ضياعاً، وعادت أيا صوفيا بعد سبع وثمانين وأربعمائة سنة وكأنما لم يذكر فيها الله، ولم يتل فيها القرآن، ولم تقم فيها الأئمة، ولم تتجاوب مآذنها بالأذان؟
لقد بنى المسلمون هذا المجد على جماجمهم، وسقوه بدمائهم، وحموه بسيوفهم، ثم وقفوه على الإسلام، أفيأتي في ذيل الزمان، من يعبث بالوقف، ويهزأ بالدماء، ويلعب بالجماجم، ثم لا يردعه رادع، ولا يعظه واعظ؟
ومن هم الأتراك لولا الإسلام؟ على أي حسب يتكلمون، وبأي نسب يفخرون، وبأي ماض يعتزون، وبأي مجد يباهون؟ أبمجد رعاة البقر في تركستان، أم بمجد أرطغرل بك، وقد جاء من مشرق الشمس بدوياً جافياً فقيراً لا يملك إلا أعنة ركائبه، وطنب خيامه، يفترش الغبراء، ويلتحف السماء، فصار أحفاده بالإسلام سادة القارات الثلاث؟ أفرأيت من ينطح