ووصلت إلى ابن أخيها هيفيستيوس إله النار فأعارها شعلة عظمية تنير لها ظلمات العالم، ودياجير الليل، عسى أن تهتدي إلى برسفونيه
جاست خلال الغابات، واخترقت الأودية. وفتشت الشطوط، ونفذت إلى أعماق الكهوف، وجالت في مهاوي الجبال، ورقت إلى شعاف الآكام. . . وبحثت عنها في جميع الآفاق. . . فلم تعثر به!!
وجلست ديميتير كاسفة البال ملتاعة القلب، تعلو جبينها عبوسة قمطريرة، وتنوء بروحها آلام وأشجان. . . وأضربت عن الطعام، وآلت لا ينضر حقل ولا يذر نبات، ولا تثمر شجرة، ما دامت ابنتها نائية عنها.! فجفت السهول، ويبست سوق الحنطة قبل أن تؤتى أكلها، وخرقت البساتين دون الثمر، فعجف الناس، وضمرت بهيمة الأرض، ونشر الجوع ألوية الخراب في العالمين!!
وانصرف الناس يصلون لزيوس، ويضرعون لديميتير، ولكن الحزن صرفها عنهم، فلم تسمع لصلاتهم ولم تلب ندائهم. . .
وفيما كانت تجوب القفار، وتطوي المهامه البيد، إذا بها تصل إلى النافورة التي ألقت عندها برسفونيه بزنارها
وإنها لتجلس عند حفافيها تفكر في أعز البنات، إذا بعروس الماء أريثوذا؛ التي لمحت بلوتو يخطف برسفونيه، والتي أهاجت النافورة لتقطع عليه سبيله، تظهر من الماء فجأة لترى من هذه الجالسة عند دارتها تئن وتتوجع؛ وتعلم أنها الربة ديميتير وأم الفتاة، فتتحدث إليها قائلة: (ديميتير! عزيز علينا أن تجزعي هكذا؟! طيبي نفساً وقري عينا، فإن بلوتو رب هيدز هو الذي خطف برسفونيه! وهاك زنارها شاهدي على ذلك! ولقد تبعتها إلى الدار الآخرة أحسب أني أستطيع أن أؤدي لها يداً أو معونة ولكن الإله القاسي أغرى بي زبانيته، فانطلقت مذعورة من اللعين ألفيوس. . . . وعليك أن تخلصي الفتاة فنها لا تذوق طعاماً، ويكاد الحزن يصعقها برغم أنها أصبحت مليكة دار الفناء
وتناولت ديميتير زنار ابنتها فعرفته، ثم طفقت تلقيه على عينيها وصدرها. . . ساكبةً دموعها الغوالي!