الحياء ومحيا عذري، أو كما يصفه بعض الرواة المعاصرين محيا كاثوليكي، هو مظهر تربيتها الدينية، وحياتها في الدير، وتفيض نظراتها رقة ووقارً).
وأفرد البابا لابنته قصر سان مارتينللو المجاور للفاتيكان، وعين لها خليلته جوليا فارنيسي وصيفة شرف تقيم معها، وكان فرق نهائياً بينها وبين زوجها؛ وكانت كلتاهما آية ساطعة من الجمال والسحر؛ واستمرت لوكريسيا مقيمة في رومة حتى صيف سنة ١٤٩٤، وعندئذ حل برومة الملاريا، فبادرت لوكريسيا إلى مغادرة رومة مع زوجها إلى قصره في مدينة بيزارو تصحبها في هذه الرحلة والدتها فانوزا، وجوليا فارنيسي، وعمتها أدريانا اورسيني، فوصل الركب إلى بيزارو في ٨ يوليه. وكانت بيزارو مدينة متواضعة، ولكن بديعة الموقع تشرف على وديان نضرة على مقربة من الأدرياتيك؛ وكانت إمارة متواضعة لا تقاس بإمارات فيرار، وأربينو، ومانتوا وغيرها من الإمارات الزاهرة في ذلك لعصر؛ ولكن لوكريسيا كانت ذهناً رضياً متواضعاً، فتذوقت حياتها الجديدة بسرعة، وقضت في بيرازو زهاء عام كامل.
ثم استدعتها بواعث السرة والسياسة إلى رومة، فعادت إليها مع زوجها بمناسبة زواج أخيها الأصغر جوفري من دوناسانسيا وهي ابنة غير شرعية لألفوسو الأرجوني ملك نابل (نابولي)، وأقامت لوكريسيا مع زوجها إلى جانب أبيها واخوتها في رومة؛ وكان اسكندر السادس يحرص على أن يستبقي أولاده حوله في المدينة الخالدة؛ فكان ولده جان أو دوق جانديا يقيم معه في قصر الفاتيكان، وأخوة شيزاري في حصن سانت انجلو المجاور للفاتيكان، وأخوة جوفري على مقربة منه؛ وتقيم لوكريسيا وزوجها في قصر آخر مجاور للفاتيكان.
وغدت لوكريسيا وزوجة أخيها سانسيا زينة الحفلات الرسمية والاجتماعية في الفاتيكان، وكانت سانسيا فتاة وافرة الحسن، وافرة الجرأة، عنيفة الشهوات، يقال إنها كانت تصطفى العشاق من الأمراء والكرادلة. وأما لوكريسيا فكانت متحفظة، ولكنها كانت ترغم بحكم الظروف على خوض هذه لحياة الباهرة المنحلة التي كانت تسود قصر الفاتيكان؛ وكانت أداة مسيرة في يد أبيها البابا وأخيها الطاغية شيزاري؛ ولكنها كانت دائماً فياضة المرح فياضة البهجة، وكانت روح هذه الحفلات الباذخة الصاخبة التي كان يعشقها البابا، والتي