للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بمشاريعه السياسية، ويعتبره لسنه زعيم الأسرة. وشيزاري لا يطيق أن يرى دون أطماعه عقبة إلا ويسحقها. ولذلك التعليل الظاهر من الوجاهة. ولكن الرواية تذهب إلى أبعد من ذلك، فتقول إن شيزاري قتل أخاه لأنه ينافسه في غرام أختهما لوكريسيا!

أرأيت كيف تميل الرواية دائما إلى تصوير هذا الغادة الفاتنة آلهة للحب الأثيم والفجور في أروع مظاهره؟ كانت لوكريسيا خليلة أبيها، خليلة أخويها! وكان ثمة معارك خفية تضطرم في ذلك العرين بين عباد الجمال والهوى المحرم؛ وكان جان سفورزا زوج لوكريسيا اشد الناس تأييدا لهذه التهم، يؤكد لزملائه الأمراء ولصحبه وللناس جميعا أنه إذا كان البابا قد عمل على تمزيق العلائق التي تربطه بزوجته لوكريسيا، فذلك بسبب الهوى الأثيم الذي تبثه إلى أبيها، وإنه إذا كان شيزاري قد دبر مقتل أخيه وألقاه في التفيري، فذلك بسبب المنافسة بينهما على حب لوكريسيا. وكانت الفضيحة رائعة، والتهم أروع، تجوب إيطاليا من أقصاها إلى أقصاها، وتجوب قصور أوربا كلها! ويتناولها الرواة والسفراء والشعراء بالتدوين نثرا ونظما باعتبارها من أهم حوادث العصر وأعجب السير.

وهنا يرى بعض النقدة المحدثين الذين يميلون إلى تبرئة لوكريسيا من هذه التهم الشنيعة، أن هذه الخصومة الزوجية هي أصل هذه التهم وهي روحها، وأن هذه التهم قد تلقاها المعاصرون من الأفواه الخصيمة، ثم زادوا عليها وبالغوا في تصويرها، ثم تناقلتها أجيال الخلف، واستمرت على كر العصور مستقى خصبا للشعراء وكتاب القصص.

لم تمض أشهر قلائل حتى وضع مشروع جديد لزواج لوكريسيا، وكان اسكندر السادس يتجه يومئذ نحو مملكة نابل، ويلتمس وسيلة لبسط نفوذه عليها؛ وكان يرى هذه الوسيلة في تزويج ابنه شيزاري من ابنة فردريك ملك نابل؛ ولكن ملك نابل أبى أني يزوج ابنته (لقس ابن قس) بيد أنه ارتضى أن يتخذ ابنة البابا زوجة لألفونسو ولد أخيه غير الشرعي، وعقد الزواج الجديد في قصر الفاتيكان في يولية سنة ١٤٩٨ وكان الزوج الجديد فتى حديثا لا يجاوز السابعة عشرة؛ وكان جميلا، حلو الشمائل، تصفه الرواية المعاصرة بأنه أجمل فتى في رومة؛ وكانت لوكريسيا عندئذ في الثامنة عشرة؛ ومنح الفونسو دوقية بيزيليا، وغدت لوكريسيا دوقة بيزيليا؛ واشترط أن يقيم الفونسو مدى عام في رومة، وألا تغادر لوكريسيا رومة إلا بعد وفاة أبيها؛ وشغفت لوكريسيا بزوجها الفتى النضر، وعاشت مدى حين في

<<  <  ج:
ص:  >  >>