فاجأه عدة رجال مقنعين وأثخنوه طعنا بالخناجر حتى خر صريعا يتخبط في دمه؛ ثم فر الجناة دون أن يراهم أو يظفر بأثرهم أحد.
ولكن الفونسو لم يمت على الأثر؛ بل استطاع أن يجرجر نفسه حتى الجناح البابوي؛ وهناك تلقاه البابا ولوكريسيا في دهشة وانزعاج؛ وأغمى على لوكريسيا وأصابتها الحمى؛ وحمل الجريح إلى إحدى القاعات، ولزمته زوجته تعني به، وأقام البابا حرسا خاصا على غرفته؛ وأخذ يتماثل إلى الشفاء سريعا.
ولم يك ثمة ريب في مدبر هذه الجريمة الشنعاء؛ فقد كان شيزاري؛ وكان يرى بعد أن رزقت أخته بهذا الغلام، أنه لا سبيل إلى فسخ زواجها، وأنه لا سبيل إلى التخلص من الفونسو غير الجريمة، ولما لم تحقق هذه الجريمة الأولى غرضها، قرر شيزاري أن يعيد الكرة، فدخل ذات يوم إلى حيث يرقد الجريح ومعه ميشليتو وصيفه وساعده الأيمن في مشاريعه السوداء؛ وأبعد أخته عن غرفة زوجها، وأمر ميشليتو فأجهز على الفتى الجريح خنقا.
هكذا يقول لنا بور كارت مدير التشريفات البابوية في مذكراته. بيد أن شيزاري لم ينكر الجريمة بعد أن حققت غايتها؛ وكان يقول إن الفونسو كان يزمع قتله فسبقه هو إلى القصاص. ولم يفه البابا بكلمة احتجاج أو تذمر خشية بطش ولده الأثيم.
أما لوكريسيا الزوجة الثاكل، والأم الأرمل، فلم تستطع البقاء في رومة، وذهبت بإذن أبيها تجرجر أذيال الحزن والعزلة في قصر نيبي على مقربة من سبوليتو، وهنالك فعل النسيان فعله سريعا، فلم يمض عام حتى استعادت الأرمل الفتية كل بهجتها، وعادت مسرعة إلى رومة تخوض غمار هذه الحياة العنيفة الباهرة التي كأنما خلقت لها.
وفي يوليه سنة ١٥٠١، غادر اسكندر السادس رومة على رأس حملة عسكرية ليتم الاستيلاء على بعض المناطق والحصون المجاورة للولايات البابوية والتي يزعم للكنيسة حقا في انتزاعها، وهنا وقع حادث فريد من نوعه ومغزاه. ذلك أن اسكندر السادس انتدب ابنته لوكريسيا للقيام بالشؤون البابوية أثناء غيابه، ويقول لنا بور كارت إن قداسته (عهد بالقصر كله، وتصريف الأمور الجارية إلى ابنته السيدة لوكريسيا، وفوض إليها أن تفتح كل الرسائل التي ترد لقداسته، وأن تستعين في المسائل الصعبة برأي كردينال لشبونه)