التمرد والإخلال بالنظام وإساءة المسلك كلما لاحت لهم الفرصة لذلك، وكل المواد الدراسية تتطلب منهم إجهاد عقولهم وتقييد أبدانهم، فتنوء عقولهم بالمجهود المتواصل العقيم، وتضيق أبدانهم بالتقييد، ويتجمع نشاطهم الجثماني المكبوح الذي لا يجد منصرفا في وجهة الخير فينصرف إلى ضروب الفساد والعبث بالنظام ومشاكسة الغير والتفكير في أنواع الإثم أو اللهو الفارغ.
ومن هذا تتضح الوسائل التي يجب أن تتذرع بها مدارسنا لتربي أخلاق أبنائها؛ وهي: تنقية الجو الدراسي، ووضع التربية البدنية في مكانها الذي هي جديرة به بجانب التربية العقلية، وتوثيق عرى الحياة الاجتماعية في المدرسة:
(١) فيجب أن تراعى طبقة الطالب الاجتماعية قبل أن يقبل في المدرسة، وأن يكون لهذا شأن في توزيع الطلاب على المدارس بل على الفصول، وتخصيص مدارس في البلدان المختلفة لأبناء الطبقات الممتازة والأسر الطيبة. وليس هذا بدعا: ففضلا عن وجود هذا التفريق في إنجلترا كما سبق كان بمصر ذاتها شيء منه فيما مضى: إذ كانت بعض المدارس كالخديوية والسعيدية تكاد تختص بأبناء الأسر الراقية، ولكن المدارس التي كانت لها هذه الميزة قد فقدتها أخيرا، وصار بعض المصريين يحجم عن إلحاق الأبناء بالمدارس المصرية مخافة أن يختلطوا بمن لا تحسن مخالطتهم ويفقدوا ما شبوا عليه في بيوتهم من طيب العادات والأخلاق.
(٢) وأن تختصر برامج التعلم اختصارا كبيرا وتقلل ساعاتها في اليوم المدرسي، ويخصص جانب كبير من الوقت للألعاب الرياضية التي يجب أن يمارسها جميع الطلاب في كل يوم، فإن هذه الألعاب هي أساس كل تربية صحيحة شاملة ترمي إلى تكوين الفرد والمجتمع، ولا نعلم أمة بلغت شأوا كبيرا من العظمة والرقي في ماض ولا حاضر إلا كانت التربية البدنية المكان الأول في تنشئة أبنائها.
فرياضة البدن ضرورية لنموه وصحته، وصاحب الجسم الصحيح أقدر على تلقي العلوم وأداء الأعمال، ونظرته إلى الحياة نظرة تفاؤل وإقدام ورغبة في العمل وعزيمة واعتداد بالنفس، والناشئ الذي ينمو سليم البدن كذلك ينمو سليم النفس مستقيم الطبع متجها إلى الخير يؤثر من أنواع الترويح والاستجمام والسرور ضروب الألعاب الرياضية وصنوف