اللهو البريء، ولا تنحصر معظم أفكاره في مسائل الجنس ومرذول العبث كما يرجح أن تنحصر أفكار صاحب الجسم البليد الخامل.
من ذاك ترى أن الألعاب الرياضية هي قوام التربية البدنية والعقلية والخلقية، ويكفي دليلا على فشل طرق التعليم عندنا أن الزمن المخصص في المناهج لهذا العامل الحيوي في التربية هو دون الساعة في الأسبوع، وأن تعليم الرياضة البدنية في مدارسنا منوط بالجنود القدماء، وأنها لا تحسب من المواد الأساسية، وكل أولئك يزيد الطالب استخفافا بها.
(٣) كذلك يجب أن يصرف جانب كبير من أوقات المدرسة في الألعاب والأعمال الجمعية والحفلات لشتى المناسبات: من ابتداء العام المدرسي أو انتصافه أو انتهائه أو توزيع الجوائز أو تكريم أبناء المدرسة أو خريجيها أو زوارها أو المحاضرات المشوقة الممتعة: ففي قيام الطلاب بتنظيم هذه الجماعات واشتراكهم فيها واهتمامهم بنجاحها خير تربية لأخلاقهم الاجتماعية، وأحسن تدريب لهم على حسن المسلك بين الجماعة، وأفضل تهذيب لذوقهم العام، وهم بأشد حاجة إلى ذلك: فما يقول مطلع منصف إن مسلك شبابنا المتعلمين في أغلب مجتمعاتهم مما يشرف. فأغلبهم يعوزهم التعقل، وحسن الذوق، والتمييز بين مقام ومقام، وما يقال هنا ويفعل، ومالا يقال أو يفعل هناك؛ وكثير منهم يعجزون عن استشعار الجد ومواصلة الرزانة في أمر من الأمور، وبهم نزعة إلى الهزل لا تقاوم ولا يكاد يطيب لهم مجتمع حتى يهبطوا به إلى قرار بعيد من التبذل والإسفاف.
نعم إن بالمدارس المصرية أنواعا من الجمعيات العلمية والعملية، ولكنها مقصورة على عدد محدود من الطلاب بينما يجب أن تكون شاملة للجميع، ويعد الالتحاق بها أمرا إضافيا على حين يجب أن يكون أساسيا، وما دامت لا تدخل في المنهاج ولا يمتحن في أعمالها الطلاب المرهقون خارجها ببرنامج حافل فإنها لا تجتذب إلا القليلين، وأغلبهم ممن لا يحفلون بالمواد الدراسية وكان يجدر الجمع بين الأمرين.
فبتطهير الوسط المدرسي من أوشاب السوقة، ولإعطاء الرياضة البدنية مقامها اللائق، وخلق الحياة الاجتماعية الجذابة بالمدرسة مكان الحياة المقفرة المنفرة، تهيئ المدرسة الجو النقي الصالح الذي يبعث الطالب على مكارم الأخلاق، ويهديه إلى القدوة الحسنة، ويسموا به إلى احترام النفس والمجتمع، وبذلك تؤدي المدرسة واجبها الأول، وتحقق التربية