للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان يبهره منها ألا يلقاها إلا متجردة، فيجس هذه الذراع، ويتحسس ذلك الثدي، ويرشف ذياك الفم، ويرتع في هذه الجنة ذات الثمر التي نسميها الجيد، ويخضع لرقي السحر النافذة من جفنيها المدججين بالسهام؛ ثم يضل في تلك الظلال الشفقية التي يعكسها عليه شعرها. فإذا أفيق زودته بابتسامة تظل ترقص على الخدين والشفتين، وشكت فؤاده بغمزة من طرفها تتركه بين الحياة والموت. . . وهكذا حتى يرضى!!

وكان لا يخشى من أعين الرقباء مثل ما يخشى من عين أبوللو، ولذا كان إذا وافى فينوس في هذا المنعزل الغرامي السحيق، في أعمق أحشاء الغابة، ترك خادمه أليكتريون عند أول الشعب المؤدي إلى الطريق العام، يلحظ المارين وينبه إلى خطر الأعداء والناقمين، حتى يكون الأليفان بنجوة من الفضيحة، وفي حرز من ألسن الكاشحين. فإذا تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ذهب أليكتريون فأيقظ العاشقين الآثمين، فينهضان من غفوة الهوى إلى يقين الفراق، قبل أن تشرق الشمس ولكن! وما أقسى ولكن هذه إذا لم تكن سعودا على المحبين!! لقد ذهب العاشقان يتراشفان كؤوس الهوى دهاقا، ويلتذان بكل مأثم ومحرم، حتى إذا نال منهما الجهد، وترنحت أعينهما تحت عبء السهاد الطويل، انبطحا على الحشيش الأخضر، هو إلى جانبها، وهي إلى جانبه، غارقين في سبات هنيء! ولمح أليكتريون ظبيا نافرا، يتفزع في ظلام الغابة؛ فتبعه، وطفق يدور وراءه حتى لحق به بعد عناء شديد، فاحتمله وعاد به إلى مركزه من مكان الحراسة. . ولكنه ما كاد يصل ثمة، حتى تساقط متهدما من التعب، وغلبه نعاس عميق. . .

وأشرقت الشمس!! وبرزت المركبة الذهبية حاملة أبوللو، رب هذا الكوكب المشرق المتأجج، وبدأت رحلتها السماوية، وأخذت ترتفع في العلاء رويدا، حتى إذا كانت بمنزلة الضحى، أطل أبوللو فرأى مارس الأثيم، وفينوس الغاوية، متعانقين على الحشيش الأخضر، وكانت بين أمه لاتونا، وأمها ديون ما يكون عادة بين (الضرائر) من بغضاء ومشاحنات؛ وكانت ديون تفخر على زوجات زيوس جميعا بأنها أم فينوس وحسب!

وكانت لا تعدل بابنتها واحدة من جميلات الأولمب، بما فيهن ديانا أخت أبوللو، وابنة لاتونا

انطلق أبوللو والشماتة تضطرب في قلبه الناقم على فينوس، يحمل الخبر الفاجع إلى فلكان، فألفاه مستغرقا في صنع شبكة حديدية هائلة، والنار تتلظى في أتونها الكبير، والدخان ينعقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>