للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وروعة الجمال، خرجوا يلتمسون بين الناس فتيات لهم بهن صلة، وما كانوا يبحثون إلا عن (نيفيل) و (يامبينا) و (فيلومينا) من فتياتنا السبع.

صاحت يامبينا (لقد ابتسمت لنا الأقدار فساقت إلينا ثلاثة رجال أكفاء أشداء وأنا زعيمة لكن بأنهم سيلبون دعوتنا إذا دعوناهم) ثم أقبلت على الفرسان تقص عليهم ما كان فيه يتحدثن، وطلبت إليهم في توسل ورجاء أن يكونوا عونا لهن ونصراء، وأن يصحبوهن إلى حيث أردن.

ضحك الفرسان منهن وتندروا على هذا الرأي ما شاء لهم أن يتندروا، ثم أنسوا من الفتيات جدا في الرأي وصلابة في العزم، فأذعنوا راضين، وتقدموا غير هازلين، وافترق الجمع على أن يكون الرحيل عن فلورنسا في صبيحة اليوم التالي.

وذر من الشمس شعاع، فهب الفتيات والفرسان ومعهم الوصفاء وساروا على هدى العزيمة فرسخا ألقوا بعده عصا الترحال، وكان ذلك عند شَرَف من الأرض يشبه التل، تجلل هامته غابة باسقة الرماح، ممتدة الصفاح، يقوم في جوفها صرح شاهق يعجبك رواؤه، ويبهرك بناؤه، قد انبسط تلقاءه سرح فسيح، وتشعبت في أنحائه أبهاء واسعة، وفي مقاصيره من دلائل العز والميسرة، تحف مثورة، وصور مشهورة، وحاطت بالقصر حدائق ذات أشجار وأثمار تقوم على ريها نافورات تقذف بسهام الماء، فكأنما يصب على الأرض من السماء. وكان كل ما في القصر متسقا منضوداً، كأنما أعد لاستقبال الوافدين، واسترواح المتعبين؛ وظل الفتيات والفتيان يمشون في سروحه وارجائه، وأفنيته وأبهائه، ويقطفون من زهوره وأثماره، ويتغنون في هذه الجنان، بأعذب الألحان، حتى حان موعد الغداء فمد سماطه في بهو الولائم. وما انتهوا منه حتى تناول (ديونيو) أحد الفرسان آلة من آلات الموسيقى، وأمسكت (فيامتا) إحدى الفتيات بآلة أخرى، وواءمتا بين نغمتين طرب من مزاجهما الجميع حتى غنى ورقص ما وسعه الجهد.

وظلوا كذلك حتى أدركهم الليل وهم في طربهم ماضون، وأسلمهم التعب إلى نوم عميق، وكانوا قد اتفقوا فيما بينهم على أن ينصبوا (يامبينيا) أميرة عليهم في الغداة، ولها عليهم حق الامر، وعليهم لها واجب الطاعة، على أن تدبر لهم شأن المحافل والجلسات وما يتخللها من الملاهي والمسرات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>