للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التي اختطفها باريس التروادي، تسمحين لجمالك أن يطغى على عبقريتك. وإذا قلت الشعر بالإيطالية فأنت ابنة الأرض الإيطالية. وإذا تناولت القلم لتكتبي القريض بنفسك، فإنه لقريض يجدر بوحي الشاعر؛ وإذا راق لك أن تهزي أوتار القيثارة، فإن أمواج نهر بو ترتجف في مجراها سحراً من غنائك، وإذا راق لك أن تستسلمي إلى الرقص بقدمك الطائر، فآه! إني لأخشى أن تلفتي نظر إله ما، فيأتي لاختطافك من قصرك، ويحملك إلى السماء، ويجعل منك أيتها الحسناء الرائعة، إلهة كوكب جديد)

كان بمبو يشعر نحو لوكريسيا بأكثر من الإعجاب والحب، كان يشعر نحوها بهيام مبرح؛ وكان هذا الهيام يبدو في قصائده ورسائله مع شيء من التحفظ تمليه عليه الظروف واتقاء الريب. ذلك أن الفونسو ديستي كان أميراً صارماً عنيف الأهواء، وكان يحب زوجه، وإن لم تكن كل شيء في حياته الغرامية؛ وكان يحيط الدوقة بسياج منيع من غيرته وصرامته، ويرد العواطف المتوثبة إلى سحرها وجمالها في مهادها

بيد أن الروايات المعاصرة تقول إن لوكريسيا كانت تقابل حب بمبو بمثله، وأن علائقهما الغرامية اتصلت مدى حين أثناء إقامة الشاعر في فيرارا حتى سنة ١٥٠٦؛ وقد كان طبيعياً أن يتفتح قلب لوكريسيا في مثل هذه الظروف؛ فقد كان الفونسو ديستي مشغولاً عن حب زوجه بمشاريعه السياسية والعسكرية، وكانت لوكريسيا تتأثر بجمال الشاعر ورقة شمائله وفيض هيامه؛ وكانت تبادله الرسائل؛ وما زالت رسالة منها تحفظ في مكتبة امبرواز بميلان ومعها خصلة من شعرها، ذلك الشعر الذهبي الأشقر الذي كان يبث من حولها النور والسحر. وقد كانت نفحة الوداع. ذلك أن بمبو رأى أن يغادر فيرارا فجأة (سنة ١٥٠٦) بعد أن أقام بها ثلاثة أعوام؛ وقد كان ذهابه نوعاً من الفرار، ولعله كان اتقاء لريب الدوق وبطشه، وربما رأى المحبان أن الفراق خير وسيلة للسلامة من عواقب غرام خطر

ولقد لبث بمبو يكاتب معبودة قلبه من أوربينو مقامه الجديد حتى وفاته في سنة ١٥١٩. وهناك من يرى أن علائق لوكريسيا بالشاعر لم تتعد الصداقة الحميمة، وأن هيامه بها لم يكن سوى نوع من عبادة الجمال والحب الفلسفي

ولا ريب أن بمبو كان فتى حريصاً فطناً حين خشي نقمة الدوق. ذلك أن زميله الشاعر الفتى شتروتسي وجد ذات يوم قتيلاً مخضباً بدمائه (يونيه سنة ١٥٠٨). وطارت الإشاعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>