رجالاً ضخاماً عن استخدام المكرسكوب وعندي في معملي بنت لا يتجاوز عمرها ثماني سنوات تعالجه في لباقة، وتكشف هذه الكريات في سهولة؟!). وقررت اللجنة شراء مكرسكوبات وانصرفوا يعملون بنصائحه
وذهب بستور يبذل من نفسه لحركة لا تعرف السكون، فطاف بالمناطق المصابة بالداء وألقي المحاضرات، ويسأل الأسئلة، ويعلم الفلاحين استخدام المجاهر. ثم يعود في رجعة الطرف إلى معمله يوجه مساعديه ويزودهم بالنصائح في تجارب لم يستطع هو أجراءها حتى ولا ملاحظتها. ثم يملي في المساء على مدام بستور أجوبة كتابات وخطباً ومقالات، ولا يطلع الصباح حتى تراه عاد إلى مناطق الوباء يروح عن الزراع البائسين، ويخطبهم ويبشر فيهم بالفرج القريب
ولكن عاد الربيع بغير الفرج والبشرى. وجاء الوقت الذي يبدأ الدود يصعد فيه إلى أفرع التوت لينسج عليها الشرانق فعجز عن الصعود. وقعت الواقعة وخابت الآمال وأنفقت الجهود في غير طائل! أنفق هؤلاء القوم الطيبون أيامهم على المكرسكوب حتى نال الكلال من عيونهم وأوجع ظهورهم، يطلبون الفراش السالم الصحيح ليخرج لهم البيض الخالي من تلك الكريات اللعينة، فلما حصلوا على هذا البيض السليم، أو الذي حسبوه سليماً، فرخ فخرج منه دود سقيم، قل نماؤه، وضعفت شهيته فقل طعامه، وذهب نشاطه، فأخذ يدور حول عيدان التوت عاجزاً عن تسلق أطرافها، زاهداً في الحياة وفي أطوارها، غير آبه لهوى الغواني الحسان في مفوفات الخز وجوارب الحرير
وا رحمتاه لبستور في تلك الخيبة! جمع المسكين كل همه لتخليص صناعة الخز مما دهاها، فسار ودار وخطب، ولم يبق لنفسه وقتاً يقبع فيه في معمله هادئاً ساكناً يتعرف كنه الداء الذي أصاب الدود. أغراء المجد فخدعه عن العلم، وأغواه الصيت فصرفه عن الحقيقة، والحقيقة لا يفوز بها إلا ساخر بالمجد، عازف عن الصيت، صبور على العمل، جلد على التجربة المسئمة الطويلة
ودفع البأس بعض أصحاب الدود إلى السخرية به والضحك منه، ودفع بعضهم إلى السخط عليه والنيل منه. واسود بياض أيامه، وطلب الخلاص في العمل فزاد انهماكاً فيه، ولكنه كان الغريق ينهمك في العوم يرجو النجاة ويبغي الساحل، ثم يقف هنيهة بعد إجهاد ليحس