وظل الخلفاء العباسيين في عهد الإخشيديين يستمدون من مصر اكثر ما يلزمهم من المنسوجات النفيسة المحلاة بكتابات كوفية فيها العبارات والأدعية المعروفة، بيد أن أسماء الوزراء لم تعد تظهر في تلك الكتابات
أما في عصر الدولة الفاطمية فقد عظم اهتمام الخلفاء بصناعة النسج، ويروي المقريزي أن دار يعقوب بن كلس وزير الخليفة العزيز بالله نزار حولت بعده إلى مصنع للنسج، وصارت تعرف باسم دار الديباج، وان وظيفة صاحب الطراز كان لا يتولاها ألا أعيان المستخدمين من أرباب العمائم والسيوف، وكانت تحت أمرته معاونون كثيرون ودار للضيافة تسمى (منظرة الغزالة) لا ينزل ألا فيها إذا ترك مقامه بدمياط أو يتنيس وقدم إلى القاهرة، (فتجري عليه الضيافة كالغرباء الواردين على الدولة فيتمثل بين يدي الخليفة بعد حمل الأسفاط المشدودة على تلك الكساوي العظيمة ويعرض جميع ما معه وهو ينبه على شيء فشيء. . . وله في بعض الأوقات التي لا يتسع له الانفصال نائب يصل عنه بذلك غير غريب منه، ولا يمكن أن يكون إلا ولداً أو أخا فإن الرتبة عظيمة. . .)(خطط المقريزي جزء أول ص ٤٦٩ - ٧٠)
وقصارى القول أن نظام الطراز بلغ من الجودة والدقة في العصر الفاطمي مبلغاً زاد كثيراً في كمية منتجاته وفي نفاسة نوعها. وقد كانت هناك أصناف من الأقمشة الغالية المشغولة بالحرير لا تنسج إلا للخليفة نفسه، ولكن أفراد الرعية كانوا يحصلون على قطع أخرى نفيسة جداً، فكانت الجلابيب والأقمصة والعمائم والأحزمة تصنع من أقمشة غالية تزينها أشرطة مشغولة بالحرير، اخذ حجمها في الزيادة حتى صارت في القرن الثاني عشر تغطي اكثر الأرضية الكتانية في الأقمشة
وكثيراً ما أمر الخلفاء بصناعة منسوجات فاخرة لإهدائها إلى الأمراء والملوك الذين كانوا يخطبون ودهم أو تربطهم بهم علاقات الصداقة وحسن الجوار
وقد بدأت بشائر العصر الفاطمي تظهر في صناعة المنسوجات الإسلامية في القرن العاشر، فاخذ الميل يزداد إلى الرقة في الزخارف والإبداع في تنسيقها، وسارت الألوان تزداد تدريجياً في الهدوء والتناسق، واصبح في الكتابة كثير من الرشاقة كما كبر حجم