لقد صممت على أن تسلب هرقل رشده وتتركه يهيم في الأرض ينطح برأسه الصخر كما يفعل الضلال المجانين. فبينما كان غاراً في أحلام السعادة إلى جانب زوجته آمنين مطمئنين إذا حيرا الآثمة تندس في ظلام المخدع وتنفث سحرها الفظيع في أذني هرقل وتمضي لشانها فتختبئ في الحديقة خلف دوحة كبيرة من دوح الشاهبلوط. . . وتنظر ثمة ريثما يصحو الزوج المسكين فتشهد المأساة التي تتفزع من هولها الأرض وتميد الجبال!. . .
وأشرقت الشمس!
واستيقظ هرقل ونهضت ميجارا ولكن ناراً كانت تقدح الشرر في عيني البطل! وزبداً حاراً كان ينقذف من فمه المخوف! وأصواتا كأصوات الشياطين كانت تدوي في رأسه الضخم. . .
والدم!. . .
لقد كان ينبثق من كل جارحة في جسمه الأرجواني فيصبغ اللحف والأرائك ويسيل على أديم الغرفة المغطى بالدمقس! وذعرت ميجارا وصرخت صرخات راجفة تدعو أباها. . ولكن هرقل المسحور ينتفض انتفاضة تزلزل أركان القصر وينقض على زوجته التعسة كأنه ضبع:(تعالي يا خائنة! أين كنت طيلة الليلة الفائتة؟ آه! أجل! كنت تتمرغين بين ذراعي عشيقك الجبان! الويل لكما! شرف هرقل تلغ فيه الكلاب!)
وبضغطة قوية من يديه الصارمتين على عنق الفتاة المنكودة يتركها جثة هامدة قرباناً لموت في عنفوان الصبا وضحية للردى في ريعان الشباب. . .
وانطلق يصرخ في ردهات القصر وهرول يزمجر في حنيات الحديقة ثم أطلق ساقيه للريح. . .
وفي قنة جبل تزمزم الأعاصير في جنباته جلس هرقل المسكين ليثوب إليه رشده وليذكر أنه قتل زوجته المحبوبة في نوبة جنونية فينشج ويبكي. .
وتكون غمامة فوق رأسه تظله من وهج الشمس فتنشق عن آله كريم هو هرمز رسول السماء، حمل إلى هرقل تلك الإرادة الأولمبية القاسية التي أصدرها زيوس، متأثراً بإلحاح زوجته الآثمة حيرا التي تقضي أن يظل هرقل في خدمة ابن عمه يوريذوس اثني عشر