للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم أراد أن يبلوها مرة أخرى:

قال لها: (أيتها الأميرة: لقد عزمت على أن أتخذ لي زوجة غيرك، وسأردك إلى أهلك الذين نشأت بينهم، وإلى كوخك الذي درجت فيه، لتعودي إلى ما كنت فيه من بؤس وفاقة. فما يزكو بمن كان في مكاني من الشرف والعظمة أن تتسامى إلى الاقتران به فتاة وضيعة مثلك، وإني لواجد بين بنات الأشراف والنبلاء من تصلح لهذه المكانة العليا.)

قالت الأميرة وهي تكظم الغيظ وتحبس الدمع: (سمعاً وطاعة يا مولاي طبت نفساً ورضيت الطلاق مخرجاً)

ثم جاء الوصفاء وجردوها من فاخر الثياب وسني الحلل وألبسوها من الثياب رديماً قديماً وبعثوا بها إلى كوخ أبيها وأعلن الأمير أنه سيبني بابنة أحد النبلاء

ثم بعث إلى جريزلدا زوجه المشردة من قال لها: (إن الأمير على نجز الزفاف إلى عروسه النبيلة الجديدة، وهو في حاجة إلى فتاة تعد له مقاصير الزفاف والاستقبال، وتقوم على شؤون الوليمة والاحتفال. ولم يجد من هو أبصر منك بهذه الغاية وأقدر على هذا الشأن لسابق خبرتك بالقصر وما فيه، وهو يأمرك أن تعودي إلى القصر كخادم تعمل بضعة أيام تقوم فيها بما يحتاج إليه الزفاف من دعوة المدعوات، فإذا انتهيت من هذا الأمر تعودين إلى كوخ أبيك كما كنت فيه.)

هذه نصال تحز في قلب الفتاة حزاً، وتمزقه تمزيقاً، وهي لا تستطيع للبلاء رداً، ولا للأمر رفضاً. فسمعت وأطاعت وهي تكاد تنشق غيظاً وكمداً. ولم يكن هيناً عليها أن تنزل عن حب زوجها والوفاء له، وقد هان عليها أن تنزل عن النعيم الذي كانت فيه، والترف الذي تقلبت بين أعطافه وحواشيه

مضت إلى القصر في خفة ونشاط وعليها ثيابها البالية، وعملت مع الخدم في تنظيف المقاصير وإعدادها، ثم خلت إلى نفسها وأعدت الدعوات لسيدات البلاد ليشهدن العرس العظيم

وأقبل يوم الزفاف فاستقبلت المدعوات في ثيابها الخشنة، وابتسامتها الناعمة!

ثم مد سماط العشاء وأقبل الأمير وزوجه الجديدة وكانت بارعة الحسن رائعة الجمال. وأقبل عليها الناس رجالاً ونساءً يقدمون إليه وإلى الزوجة ولاؤهم وطاعتهم وإعجابهم، وطوعت

<<  <  ج:
ص:  >  >>