ويروي بعضهم أنه قال حين فاضت روحه:(وداعاً يا جان)، وبعضهم يروي أنه قال:(هاهنا معركة النهار والليل) أو أنه قال: (ليس هذا هو النور، ولكن ليس هو الظل أيضاً).
وعرض المونسنيور جيبر أسقف باريس أن يقوم بالرسوم القدسية الأخيرة للشاعر الأكبر، ولكن أسرته اضطرت إلى الرفض عملاً بوصية فيكتور هوجو نفسه، إذ قال:(إنني أرفض رثاء كل الكنائس، وأطلب صلاة لكل الأرواح).
ومنذ ١٩ مايو كان قد فقد كل أمل في إعادة الصحة والحياة إليه؛ وقد أصابه بالليل إغماء طويل، وبالأمس بدأ النزع الأخير وما ذاع النبأ المحزن حتى هرع الجمهور إلى منزل شارع إيلاو وما زال في ازدياد مستمر، وبدأت الزيارات الرسمية، وكان أول القادمين مسيو بريسون رئيس الوزراء، ولحق به مسيو فلوكيه رئيس مجلس النواب
وبعد بضع دقائق ألقى مسيو لي رواييه رئيس مجلس الشيوخ في المجلس. كلمة مؤثرة حين أعلن وفاة (شيخ) الميسرة المتطرفة وشاعر الجمهورية والديمقراطية الأكبر؛ ولا ريب أن جميع السلطات الكبرى ستشترك في تكريمه؛ وقد طلب مجلس باريس البلدي أن تنقل رفات الشاعر إلى (البانتيون)؛ ومن المحقق إن الجناز سيكون قومياً تحفه أعظم مظاهر الجلال، وسوف يكون مناقضاً لرغبة الميت الذي أوصى بأن يتقل إلى مقره الأخير في نعش الفقراء؛ وهي الرغبة الوحيدة التي ستحترم.
السبت ٢٣ يوليو
حفلت كل الصحف بفصول مؤثرة تذيلها أعظم الأسماء؛ وقد نشرت (الفيجارو) قصيدة لمسيو الكونت دي ليل عنوانها (التحية الأخيرة)، وقد دهش لقرائتها الذين يعرفون خصومة الشاعرين، وما تبادلا قبل من قارس اللفظ؛ بل يرى أن دي ليل قال حينما وقف على مرض هوجو:(لقد شرب المجد وأكله، فعليه الآن أن يهضمه)، فرثاؤه اليوم لا يمكن أن يعتبر بعد هذه الشماتة إلا بطاقة زيارة تودع عند باب الأكاديمية وقد هرع عدد من الكتاب الشبان إلى سرير الميت ليسهروا إلى جانبه، وبين هؤلاء حفيد الشاعر، وليون دوديه، وكاتيل مانديس، وبول آرين، وجان إيكار، وأميل بليمون. وقدم مسيو ليو بولد هوجو في منتصف الليل ليصور عمه في فراش موته