لا يعرف الأخذ عن أحد، والرحلة الثانية إلى الشام لم تتجاوز مدتها الشهرين في أصح الروايات جيئةً وذهاباً، ونسطور هذا مجهول الهوية والمكان
وأهم ما فات المؤلف كونه لم يذكر أن المسلمين قوي أمرهم أول الإسلام بإسلام عمر بن الخطاب، وأنهم أخذوا يدعون إلى دينهم جهرة وكانوا يدعون إليه على تقية، ويصلون في دار الأرقم خائفين يترقبون أعدائهم من قريش، فأصبحوا يطوفون في الكعبة ظاهرين
- ٢ -
يقول صاحب كشف الظنون إن التأليف على سبعة أقسام لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها، وهي: إما شيء لم يسبق إليه فيخترعه، أو شيء ناقص يتممه، أو شيء مغلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره، دون أن يخل بشيء من معانيه، أو شيء متفرق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه، أو شيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه. قال: وينبغي لكل مؤلف كتاب في فن قد سبق إليه ألا يخلو كتابه من خمس فوائد: استنباط شيء كان معضلاً، أو جمعه إن كان مفرقاً، أو شرحه إن كان غامضاً، أو حسن نظم وتأليف، أو إسقاط حشو وتطويل أهـ
وكتاب قواعد التحديث بأسلوبه في التأليف ينطبق عليه شرط الجمع فقط، جمعه مؤلفه من مظان كثيرة لعلماء ثقات في علوم الحديث ونسقه وجوّد النقل، ولا يكاد يثبت له فكراً ولا يرجح قولاً. فقد نقل في أول كتابه نحو مائة صفحة (الكتاب في أربعمائة صفحة) من أقوال القدماء، ثم أثبت له رأياً واحداً سُبق إليه (ص١٠١) رجح فيه رأي الجلال الدوّاني على رأي الشهاب الخفاجي في عدم التسامح بالأحاديث الضعيفة ولو كانت في شيء من الترغيب والفضائل
قدم الناشر للكتاب أربع مقدمات، ثلاثة لثلاثة من الأساتذة المعاصرين ورابعة للمؤلف، استغرقت كلها أكثر من عشرين صفحة، وما خرج الكلام في بعضها عن الدعابة والتمجيد. قلنا إن المؤلف اقتصر على نقل كلام غيره من أول الكتاب إلى آخره، ينقل عمن يروقه كلامهم من المحدثين وغيرهم، كما أخذ عن بعض المتصوفة ومَجّدَهم، وربما استشهد ببعض أقوال المعاصرين ونقل عن مجلات غاضاً عن ذكر أسمائها ترفعاً على ما يظهر
وكأن هذا السفر كان مجموعة من مفكرات يريد واضعها أن يضع كتاباً في هذا الفن ويقتبس أقوال المؤلفين الذين درجوا ثم بدا لبعضهم نشر هذه المفكرات في صورة مؤلف.