للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أوجار

وإذا قرأنا في الكتب التي كتبت قبل ثلاثين سنة لا نجد حروف الحركة مثبتة في كل مقطع. فإذا نظرنا في الكتب التي كتبت من بعد وجدنا اطرد حروف الحركات في مقاطع الكلمة. كانت الكلمات الآتية ترسم كما ترى:

تميز (نظيف) آرقداش (أخ) كنيش (واسع) دها (أيضاً) كبى (مثل) قدر (مقدار) دكل (ليس) درين (عميق) كوزل (ظريف)

فصارت بعد كما يأتي:

ته ميز (الهاء علامة الفتحة الخفيفة) أرقاداش، كهنيش داها، كيبى، قادار، ده كيل، ده رين، كوزه ل

وكان يسع الكماليين أن يسيروا على هذه السيرة واصلين حديثهم بقديمهم مبقين على ما دوّن أسلافهم، ولكنهم آثروا، إنفاذا لخطتهم، أن ينبذوا الحروف العربية، وهي الحروف التي يكتب بها مسلمو العالم كافة، ولفقوا هجاء من الألمانية والفرنسية والإيطالية فبلغوا الكمال المطلوب ولحقوا بالسادة الأوروبيين. ولست أقول ما قاله أحد كبراء الفرس لأديب تركي يناظره في الحروف اللاتينية: (إنكم معشر الترك ليس لكم من آدابكم ما تفخرون به فآثرتم أن تسدلوا عليها ستراً من الحروف اللاتينية ولكن لنا من آدابنا ما نفخر به ونحرص على قراءته في كل جيل فلسنا نريد أن نغير كتابتنا). لست أقول هذا ففي الأدب التركي القديم ما هو جدير بالرعاية، وقد أفتن الترك في تجويد الخط حتى صاروا أئمة فيه وصار لهم من آياته ما يجدر بكل أمة أن تحرص عليه

مسألة الحروف اللاتينية ليست فيما أرى ضرورة أو إصلاحاً ولكنها فتنة من فتن تقليد أوربا التي ضربت الشرق عامة والمسلمين خاصة بالذلة والهوان، وقد بلغ الأمر أن يرى بعض الناس أن تكتب اللغة العربية أيضاً بالحروف اللاتينية، فإذا قلت لهم فما تصنعون بأحد عشر حرفاً من الهجاء العربي ليست في الحروف اللاتينية؟ قالوا نضع لها حروف لاتينية بالتركيب أو النقط. فياسبّة الأمم، وعار الأجيال، وموتى النفوس، لماذا تجعلون من أنفسكم واظعين مخترعين في حروف اللاتينية، ولا تكملون ما في حروفكم من نقص، وتصلحون ما بها من عيب؟ جرى الجدال بيني وبين واحد منهم فكان منه الحوار الآتي:

<<  <  ج:
ص:  >  >>