إذن هي لم تمت، وهذا الطيف الكريم الذي أنقذها من الموت، والذي ترفق فحملها إلى تلك الجزيرة هو رسول أحد الآلهة؛ وإذن فلتنهض ولتضرب في هذا الفردوس المنعزل حتى يكون أمر غير هذا الأمر. . .
ومضت في غياضٍ وأرباض، ورأت في الأفق القريب قصراً باذخاً ذا شرفات وأحياد، فيممت إليه، وما كادت تدنو منه حتى فتحت بوابة السور الكبرى على مصراعيها، وامتدت منها أذرع نورانية تصافحها، وانبرت أصوات رقيقة موسيقية تحتفي بها وتحييَّ وتبيَي!. . . . . .
وفركت بسيشيه عينيها كذلك!
وظنت أنها تحلم، ولكن كل شيء حولها حدَّثها أنها ترى رؤيةً حقيقة، لا رؤيا منامية. . . . فدخلت القصر، وفي نفسها من الحيرة وشدة العجب ما أخذ يتضاعف في كل خطوة ويزداد. . .
وحاولت أن ترى أحداً ممن لهم هذا الصوت الرقيق. . . ولكن عبثاً. . . ليس هناك إلا أذرع من نور تمتد إليها محتفية بها، تقودها إلى المخدع الوثير الذي أعدته العناية لها. . .
ودار الحديث بينها وبين طيف لا تراه:
- (. . . ويدهشني أنكم تحتفون بي. وتبالغون في إكرامي، وأنا لا أرى منكم أحداً، فهل كلكم يلبس قلنسوة هرمز؟)
- (كلا أيتها العزيزة؛ ولكنا أمرنا ألا ننكشف لك. .)
- (ومن ذا الذي أصدر إليكم هذا الأمر؟)
- (ونهينا أيضاً عن ذكر أسمه. . .)
- (أنتم كرام، ولكنكم تضايقونني إلى حد الإزعاج. .)
- (ليفرخ روعك أيتها العزيزة، ففي المساء، تلقين الآمر الكريم صاحب هذا القصر، وصاحب القصور الكثيرة في أطراف الأرض)
- (وهل لي أن أجول جولةً في قصركم المنيف عسى أن تذهب هذه الوحشة الجاثمة على قلبي. . .)
- (ولم لا. . . بسيشيه العزيزة؟)