للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

القانون أو يرجع إلى ضميره الشخصي، أن يستشير ضمير الشعب، والشعب معصوم لا يخطئ، وهو يكاد يتكهن، وعواطفه هي التعبير عن العدالة ذاتها.

ويقرر قانون العقوبات الاشتراكي الوطني أنه يمكن معاقبة مجرم لم يتمم جريمته، ولكن (أراد أن يرتكبها). وفي رأيه أن الجريمة ليست هي عمل القتل في ذاته بل هي (اعتزام القتل) ونحن في فرنسا نعاقب على (الشروع) في بعض الأحوال؛ فلا يعاقب مثلاً ذلك الذي يجس جيب إنسان من الخارج بنية سرقته، ولكنه يقع تحت طائلة القانون إذا حاول أن يدخل يده في ذلك الجيب. فهذه الفروق القضائية الدقيقة يخشاها المشترع الألماني أيما خشية؛ ولهذا يتخذ الرأي المناقض ويرى أن يضع تحت نظرية (العزم المهدد) أقل حركة تمازجها الشبهة.

وهكذا نرى أن قانون العقوبات الألماني الجديد وكذلك الإجراءات الجنائية قد بسطت كل التبسيط. وقد ألغيت (الظروف المخففة) ولم يعترف (بسبق الإصرار) بحيث أضحت جريمة الهوى والجريمة التي دبرت طويلاً سواء في العقوبة، ذلك أن المجموع يجب أن ينتقم بسرعة وبلا هوادة من أولئك الذين يعكرون صفوه؛ وللقاضي أن يوقع عقوبات تبعية بعد تنفيذ العقوبة الأصلية مثل الجلد والصوم الجبري، ومصادرة الملك؛ وهكذا يراد أن يدفع الجانح الذهن إلى مرتبة إنسان منحط من الوجهة الجسمية والعقلية.

وقد ذهب المشترعون النازيون إلى حد اعتناق الروح الإسبارطي؛ فالدولة لها الحق (أن تقضي بصفة إدارية بالموت على بعض الأفراد الذين ليست لهم قيمة جوهرية) فرجل مثل بيرون (لورد بيرون شاعر الإنكليز) يمكن أن يلقي في الماء منذ مولده؛ ورجل مثل هلدرلن الشاعر الهائم يمكن أن يعدم؛ ويصرح قانون العقوبات الجديد للطبيب بأن يعدم المريض الذي لا يرجى برؤه متى طلب إليه ذلك. وبعكس ذلك فإنه لما كان الفرد السليم مديناً بحياته للمجتمع، يعتبر الانتحار جريمة، ويعاقب الشركاء في محاولته. ثم إنه لما كان الشرف أثمن من الحياة، فإن القانون يعترف بإجراء المبارزة بين المتخاصمين.

ويكشف لنا المشترعون الهتلريون عن غايتهم النهائية فيما يأتي: ليس المجتمع هو الذي يكون غاية في ذاته، ولكنه الجنس أو الأمة؛ والعمل لعظمتها يجب أن يكون هو غاية الحياة لكل فرد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>