وكانت جرائم السحرة الشهيرة التي اكتشفت فجأة في عصر (الملك الأعظم) من أروع هذه المفاجآت التي يرتجف المجتمع لهولها وشناعتها
في يوم من أواخر سنه ١٦٧٨، اجتمع في باريس على مائدة سيدة تدعى (لافيجوريه) هي زوجة خياط للسيدات، محام متواضع هو الأستاذ بيران، وامرأة (عرافة) مشهورة في هذا الوقت تدعى ماري بوسي؛ ففي أثناء العشاء بدرت من العرافة تلميحات خطيرة حول جرائم ترتكب بالسم، ويشترك في ارتكابها رجال ونساء من علية القوم؛ فانزعج الأستاذ بيران، وأفضى بما سمعه إلى مدير البوليس (لاريني)
وكانت ذكريات جرائم المركيزة دي برانفلييه ما تزال حية رنانة، فأدراك (لاريني) أنه ربما كان أمام ثبت آخر من الجرائم المماثلة، فأمر بالقبض على مدام فيجوريه، وماري بوسي وابنتها مانون وولديها؛ وذلك في ٤ يناير سنة ١٦٧٩، وأفضت التحقيقات الأولى التي قام بها لاريني نفسه إلى أن قبض في ١٢ مارس على امرأة تدعى (لافوازان) أو مدام فوازان، وهي عرافة شهيرة في ذلك العصر تزاول السحر وأموراً خفية أخرى، وعلى ابنتها مرجريت، ثم على رجل يدعى (لي ساج) وهو شريك لافوازان وعشيقها، ثم على عشرات آخرين ممن ورد اسمهم في التحقيق ونسب إليهم قسط من الأعمال والجرائم المروعة التي كشفت عنها اعترافات المتهمين
كان لاريني مديراً للبوليس، يقف بحكم وظيفته على أخطر الأسرار وأفظع الجرائم، ولكنه لم يلبث أن رأى نفسه أمام معترك هائل من الجرائم التي ترتجف لهولها وروعتها أقسى القلوب وأصلبها؛ جرائم تمتد إلى النفس والعرض والمال بأشنع الآثام، وتتطاول إلى الملك وحياته ذاتها، ويشترك في تدبيرها وارتكابها نفر من العظماء نساء ورجالاً يزاولون (السحر الأسود) ويشتركون طوعاً في اجراءته المروعة المشينة، ويغمسون أيديهم في الدم البريء تقرباً إلى الشيطان، والتماساً لتحقيق أسفل الشهوات والغايات
وكانت لافوازان هي المحور الأكبر لذلك الثبت المروع من الجرائم التي سودت صحف (العصر الأعظم) وهي امرأة تدعى في الأصل كاترين ديزي، وزوجها يدعى مونفوازان، أو فوازان، ومن ثم كان اسمها. وقد بدأ الرجل حياته تاجراً في الحلي، ثم زاول أنواعاً أخرى من التجارة، ولكنه لم يفلح ولازمه النحس، فاعتزمت زوجته عندئذ أن تزاول مهنة