التنجيم والعرافة. وكانت لافوازان في الواقع ذات مقدرة خاصة في تفهم نفسية بعض الناس، وكانت قد درست شيئاً من الفلك وما يتعلق بالسحر من المسائل والرسوم التي كانت ذائعة في ذلك العصر فامتهنت العرافة والسحر، واستقرت في منزل تحيط به حديقة في فلنيف من ضواحي باريس. وأقبل عليها القوم من كل صوب يستوحون علمها ونصحها، وكانت تزاول كل ما يدخل في باب الخفاء من قراءة الكف وصنع التمائم والتعاويذ، والتنبؤ بالمستقبل بيد أنها كانت تزاول أعمالاً أخطر، فقد كانت تبيع السموم لزوجات يردن التخلص من أزواجهن، أو أقارب يترقبون وفاة المورث، وكانت تصف الأدوية لمختلف الأمراض، وتزاول التوليد وبالأخص الإجهاض؛ وكان بين قصادها سادة من الأكابر وسيدات من أرقى طبقات المجتمع
وكانت لافوازان، كما يصفها المعاصرون امرأة قصيرة القد، مليئة الجسم، وافرة الحسن، لها عينان ساطعتان ثاقبتان، وكانت بما ينهمر عليها من المال من كل صوب تعيش عيشة ترف ومتاع، تصطفي العشاق حسبما تهوى تحت سمع زوجها المسكين وبصره، وتقيم الحفلات الصاخبة، وكانت تعشق الشراب وتفرط فيه، فلا ترى دائماً إلا ثملة، تضرب زوجها أو عشاقها وهم عديدون وكانت تحيا هذه الحياة الحيوانية المحضة فوق أكداس من الإثم ترتكبها كل يوم، لا يزعجها شبح أولئك الذين ترسلهم بسمومها إلى الأبدية، ولا تلك الضحايا البشرية العديدة التي كانت تزهقها مع شركائها كلما أجرت رسوم القداس الأسود كما سنرى
وكان شريكها وساعدها الأيمن في تلك الحرفة الأثيمة رجل يدعى (ليساج) وكان أحب عشاقها إليها وأشدهم نفوذاً لديها، وكان ليساج يزاول أعمال السيميا ليكتشف ما يسمونه (حجر الفلاسفة) أو المادة التي يمكن أن تعاون في تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، وتمده لافوازان كما تمد غيره من السيميائيين والمشعوذين بالأموال الوفيرة لأجراء التجارب المطلوبة. وكان هذا (الساحر) الخطر من أهل الجنوب واسمه الحقيقي آدم كيريه؛ وكان يشتغل بتجارة الصوف، ولكن غلبه شغف السحر والخفاء فاتصل بلافوازان ووثق الحب بينهما ذلك التحالف الأثيم، ووعد لافوازان بالزواج متى بدت أرملة. وفي سنة ١٦٦٧ قبض عليه بتهمة (الاتصال بالشيطان) وقضي عليه بالأشغال الشاقة في الأسطول،