ولكن لافوازان سعت لإنقاذه بنفوذها واستطاعت أن تستصدر العفو عنه فعادت إلى باريس سنة ١٦٧٢ وتسمى بليساج، واستأنف أعماله الأثيمة مع عشيقته
وكان ليساج وغداً سافلاً لا يحجم عن ارتكاب أية جريمة، وكان له أكبر نفوذ على لافوازان وزميلاتها، فكان يقتنص منهن الأموال الوفيرة بخبثه ودهائه؛ وكان يكتب التعاويذ للراغبين ويعقد صلاتهم بالشيطان بتمائم وأدعية مريبة، وأحياناً يتزيا بزي القسس ويقيم الصلوات والأقدسة؛ وكان منظره غريبا يضع على رأسه شعراً أحمر، ويرتدي ثوباً أشهب ومعطفاً غريباً، وكان القبض عليه للمرة الثانية عقب القبض على لافوازان في ١٧ مارس سنة ١٦٧٩
كان اكتشافاً مروعاً ذلك الذي وقع به لاريني مدير البوليس من أعمال هذه الطغمة. ولم يكن أمر السحرة مجهولاً، وكان الهمس يسري حول آثامهم وجرائمهم في أرفع الأبهاء؛ ولكن لاريني لم يكن يتوقع قط أن يكشف التحقيق الذي أجراه وأشرف عليه مدى أشهر عن تلك الشبكة السوداء الهائلة التي تغمر العاصمة الفرنسية والتي تجذب شراكها الخطرة أعظم الرؤوس وأعظم المقامات. وقد أثبت لاريني في ملف التحقيق الذي أجراه أقوالاً ومعلومات مدهشة عن أعمال المتهمين وحياتهم الغريبة؛ ومما أثبته من أقوال لافوازان، إن أفضل ما يعمل هو أن يقبض على كل من يزاول قراءة الكف، فإن هذه الحرفة تكشف عن أمور مدهشة حيثما يمنى المحب بخيبة الأمل، وأن التسميم جرم ذائع، وأنه يدفع عن (العملية) الواحدة أحياناً عشرة آلاف جنيه (نحو خمسين ألف فرنك من العملة الحديثة)؛ وأيد ليساج هذه الأقوال، وزاد عليها أن كل أولئك الذين يزعمون أنهم يبحثون عن الكنوز أو حجر الفلاسفة أو غيرها إنما يزاولون أعمالاً خفيفة أخرى، وأولئك الذين يزاولون السحر إنما يتعاقدون على تسميم زوج أو زوجة أو أب وربما على تسميم طفل في المهد
بيد أن أروع ما سطره التحقيق أقوال المتهمين عن مزاولة (السحر الأسود) وإجراءاته الدموية المثيرة. وكانت هذه الإجراءات تقترن عادة بإزهاق طفل صغير يسرق أو يؤخذ من بين اللقطاء الذين تقذف بهم الأمومة الأثيمة. وكان يؤتى لهذه الغاية ببغي تمدد عارية بين هالة من الشموع السوداء؛ ثم يأتي الساحر في ثياب قس، وبعد أن يذبح الطفل، يلقي بعض التمائم والدعوات الشيطانية؛ وكان الساحرات يبحثن دائماً عن الأمهات الآثمات أو