للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن أدونيس يعبس عبوسة محنقة ويقول لها: (أهذا كله عندك هو الحب؟. .)

فتنظر في عينيه الساخرتين نظرة تستشف بها ما في قرارة نفسه وتسأله: (إذا ما هو يا أدونيس؟)

وينفجر الفتى بالحقيقة المرة فيقول لها: (إن كنت تجهلين ما هو، فالحب أجل من هذا وأقدس يا غادة. . . . . . إنك قد أسلمت وأسلمت جسمك للشهوة وتصهره، وروحك للغلمة تحرقها وتذهب بها شعاعاً. . . دعيني أذهب إذن. . . دعيني. . . سلوقياتي تنبح ولابد أن أذهب إليها. . . . . . . . .)

وكأن ثلجاً ذاب في أعصاب فينوس عندما سمعت أدونيس ينتهرها ويعيرها، فتقلص ذراعها، وفترت نفسها، وخمدت في قلبها تلك الشهوة الملحة التي سلطت عليها تعذبها وتضنيها. . . واستطاع الفتى بجهد بسيط أن يتخلص من أسرها، فأنطلق يعدو كالظليم إلى سلوقيلته التي كانت تناوش خنزيرا كبيراً بادي النواجذ بارز الأنياب

وجلست فينوس تنظر إلى أدونيس يعدو، وتجتر كلماته وتتعذب. . .

وغفت إغفاءة قصيرة، ولكنها استيقظت فجأة على صرخة راجفة من جهة الشرق، حيث كان فتاها الحبيب يتلهى بالصيد، فهبت مروعة، لأن الصوت ككان بصوت أدونيس أشبه، وانطلقت تعدو حتى كانت عنده. . .

يا للهول!!

أدونيس مضرج بدمه، وعيناه مستسلمتان للموت، وسلوقياته تبكي حوله؟! لقد أنقض عليه الخنزير الضاري فمزق لحم الفخذة، وسر في الدم سم الكلب!

ووقفت فينوس ذاهلة تنظر إلى حبيبها الصغير، ثم أهوت على فمه تقبله وترشفه وتبكي. . . ثم أسندت الرأس الذابل إلى صدرها، وجعلت تقول:

(ألم يكن حباً حبيبي يا أدونيس؟! يا للقضاء؟! كنت أعرف هذه النهاية، وكنت أشفق عليك منها، ولذا كنت أتشبث بك، وأحاول أن أنسيك بقبلي ودموعي خنازير هذه البرية، ولكنك قلت أن حبي شهوة، وصبابتي غلمة، فجنيت على نفسك وعلي!! أوه! يا لبرودة الموت؟ أدونيس؟ أدونيس؟ رد علي يا حبيبي! لقد حسبتني غادة! أنا فينوس أكلمك فرد علي. . . آه. . .)

<<  <  ج:
ص:  >  >>