اعتقل المتهمون، وكثر الهمس والوعيد حول قضاة الغرفة الساطعة، واهتم الملك ووزراؤه بالأمر، وكتب لوفوا رئيس الوزراء إلى رئيس المحكمة يقول له: إنه لمناسبة ما نمى إلى جلالته من الحديث حول (الغرفة) وإجراءاتها، فإن جلالته قد أمر بتبليغ القضاة أنه يؤكد لهم حمايته، وأنه يطلب إليهم أن يستمروا في إقامة العدالة بثبات. ثم زاد الملك على ذلك فاستدعى إليه قضاة المحكمة ليطمئنهم ويشجعهم؛ ويقول لنا لاريني تعليقاً على تلك المقابلة، إن جلالته قد أوصاه بتحقيق العدالة والواجب، وإنه يرجو تحقيقاً لخير المجموع أن ننفذ جهد الاستطاعة إلى أسرار جرائم السموم، وأن نجتث جذورها إذا استطعنا وذلك دون تفريق بين الأشخاص والمقامات
بيد أنه قد طلب إلى القضاة من جهة أخرى أن يلزموا التحفظ في بعض الأمور، وظهر أثر هذا التحفظ في الحرص على عدم إحالة لافوازان إلى التعذيب، وذلك خوفاً من أن ينطلق لسانها حين التعذيب بما لا يريد أن يذاع وأن يعرف؛ ومع ذلك فقد صرحت لافوازان في ساعاتها الأخيرة عقب الحكم عليها بالإعدام (أنها مضطرة لأن تقول إراحة لضميرها إن عدداً كبيراً من الناس من جميع الطوائف والطبقات قد لجأ إليها سعياً إلى إزهاق الكثيرين، وإن الباعث الأول لهذه الجرائم إنما هو الفجور)
ولما وقف لويس الرابع عشر على أقوال مرجريت مونفوازان ابنة لافوازان عقب إعدام أمها، كتب إلى لاريني يطلب إليه أن يدون اعترافاتها وما يترتب على هذه الاعترافات من مواجهات ومناقشات في ملف خاص، وكذلك أقوال الساحرين روماني وبرتران، وهما من شركاء لافوازان. وقد كانت أقوال مرجريت مونفوازان ذات أهمية كبيرة لأنها تتعلق بمشروع تسميم الملك، ومن جهة أخرى فقد وعد لوفوا الساحر ليساج بأن ينقذ حياته إذا قال كل شيء، ولكنه لما ذهب في اعترافاته إلى حدود مروعة، رمي بالكذب ولم يقبل المحقق أن يصغي إليه بعد؛ وأدلت متهمة أخرى تدعى فرانسواز فيلاستر بمعلومات مثيرة مدهشة، فأمر الملك بأن تودع أقوالها في ملف خاص، وأن ترفع إلى مجلسه؛ وهكذا بلغ من اهتمام لويس الرابع عشر بهذه القضية أن لبث يتتبع كل أدوارها، وأن يسحب من أوراق التحقيق كل ما لا يرغب في إذاعته؛ والواقع أن لويس الرابع عشر تأثر أيما تأثر لما كشفت عنه التحقيقات من الوقائع والحقائق المؤلمة التي تصيبه في أعز عواطفه وفي كرامته الملوكية.