إن كان أهلك يمنعونك رغبة ... عنيّ فأهلي بي أضنّ وأرغب
وإني لأرجو أن يغفر الله لصاحبك (يعني عروة) حسن ظنه بها، وطلبه العذر لها؛ ثم يعرض عليه عبد الله طعاماً فيقول: لا والله ما كنت لآكل بهذه الأبيات طعاماً إلى الليل!
وينتظر عبد الله حتى إذا حان المساء، وأثر الجوع في أبي السائب ذهب إليه فقال له: (جئت أنشدك وأحدثك) فيقول: (هات ما عندك)، فيحدثه وينشده، حتى ينشده بيتي العرجي:
باتا بأنعم ليلة حتى بدا ... صبح تلوّح كالأغرّ الأشقر
فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فيقول أبو السائب: أعده عليّ، فيعيده أبو مصعب، فيستفز المخزومي الطرب فيحلف بالطلاق لا ينطق بحرف غيره حتى يرجع إلى بيته!
ويمرّ بهما عبد الله بن حسن بن حسن وهو منصرف من مال له يريد المدينة فيسلم عليه ويقول: كيف أمسيت أبا السائب؟
فيقول:
فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فيقول أبن حسن: مالك يا أبا السائب، إني لا أكاد أفهم عنك
فيقول:
فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فيقبل عبد الله بن حسن علي عبد الله، فيقول: متى أنكرت صاحبك؟ فيقول: منذ الليلة، فيقول: إنا لله! أي كهل أصيبت به قريش! ثم يمضي
ويمر بهما عمران بن محمد التميمي قاضي المدينة يريد مالاً له على بغلة له ومعه غلام على عنقه مخلاة فيها قيد البغلة، فيسلم ويقول: كيف أنت يا أبا السائب؟
فيقول:
فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فيقول القاضي لعبد الله: متى أنكرت صاحبك؟ فيقول: آنفاً، فيسترجع القاضي ويهم بالمضي، فيمكر عبد الله بصاحبه ويقول: أفتدعه هكذا أيها القاضي وتمضي؟ والله ما آمن أن يتدهور في بعض آبار العقيق، قال القاضي: صدقت، يا غلام! قيد البغلة، فيضع القيد