للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زعيمه على قبوله رغماً عنه. وبعد أن رضي الإمام بالتحكيم قام فريق آخر من جنده يندد بالتحكيم، ويصيح: لا حكم إلا لله، لا حكم للرجال، ويظهر أنه كان بين هذا الفريق بعض من أتباع الفريق الأول. فانقسم بذلك جيش علي إلى شطرين، ونجحت الحيلة التي قال فيها عمرو (إن قبل خصومنا التحكيم اختلفوا، وإن ردوه افترقوا)

ولما ظهرت نتيجة التحكيم التي تقضي بخلع علي عن الخلافة - ولا أقول معاوية، لأن إقرار عمرو بن العاص بخلع صاحبه لم يؤثر في مركز معاوية لأن خلعه كان وهمياً، إذ إن معاوية لم يكن خليفة ليخلع عن عرشها - رفض علي قبولها، وهكذا أضعفت نتيجة التحكيم مركز علي وقوت مركز معاوية

فقويت برفض علي لنتيجة التحكيم حجة الفريق القائل بعدم قبول التحكيم منذ بادئ الأمر، واكتسب إلى صفه جميع الموتورين من سياسة الإمام. وهكذا نرى أن فريق الخوارج كان مؤلفاً من جماعات متفككة العرى تجمعها مناوأة سياسة علي، إما لأنه لم يقبل التحكيم أولاً أو لأنه قبل التحكيم ثانياً، أو لأنه رفض قبول نتيجة ثالثاً. والقسم الأكبر من الخوارج هم الذين أخذوا على علي قبوله صارخين: لا حكم إلا لله. ثم انظم إلى هذه الفرق المختلفة كل من كان ناقماً على السلطة أو خارجاً على القانون، حتى أصبح معسكر الخوارج ملجأ لهؤلاء، أيام الراشدين والأمويين والعباسيين

وبعد انشقاقهم على جيش الخليفة ساروا إلى حاروراء وانتخبوا عبد الله بن وهب الراسبي خليفة عليهم. وقد اضطر علي أن يحمل عليهم قبل أن يسير لقتال معاوية ليأمن شرهم، فقاتلهم في معركة عظيمة تدعى معركة النهراوان في ٨ يوليو سنة ٦٥٨ ميلادية، وتغلب عليهم، غير انه دفع ثمن هذا النصر غالياً، لأن هذه المعركة أضعفت جيشه فأصبح عاجزاً عن المسير إلى سورية لحرب معاوية، وبقي بالكوفة إلى أن قتله ابن ملجم الخارجي سنة ٦٦١

الخوارج في عهد الدولة الأموية

اشتدت في عهد الدولة الأموية قوة الخوارج، وكانوا من العوامل الرئيسية التي طاحت بحكم الأمويين، فما من خليفة أموي إلا ثاروا عليه، غير أنهم ظهروا واشتهروا خصوصاً في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان، وكانت ميادين القتال العراق وخراسان. وقد بدأ

<<  <  ج:
ص:  >  >>