معظم تمرينات (صاندو) الرياضي المشهور؛ وترى صورته قريبة من مكتبه، إلى جانب صورة محمد عبده، وجمال الدين، و. . . وملكة الجمال التركية كريمان هانم خالص. . .!
وهو لأولاده أخ أكبر، لا يدخل أحدهم إليه في مكتبه لأمر إلا داعبه بكلمة عذبة أو إشارة لطيفة، ولكنه قلما يدخل إليه أحد منهم إلا إذا دعاه، لتخلو له جلوته
وإذا أراد الرافعي أن يسهر ليلة خارج الدار؛ فليس إلا في السيما أو القهوة، وذهابه إلى السيما عمل أدبي أيضا. . . فهو لا يميل إلا لمشاهدة نوع خاص من الروايات الفنية، يكون له منها مادة وحي. . .
وحتى في القهوة لا يريد أن يمضي وقته عبثا؛ فلابد من صحف أو كتب أو مجلات، يمضي بها الوقت، أو يفرغ منها مع الوقت؛ فتراه مكبا على كتابه، وفي يمينه قلم يشير به إشاراته، وفي يساره لي الكركرة، وفمه إلى فمها يبادلها أنفاسا بأنفاس. . . فإذا فرغ من الكتاب ومن الكركرة أقبل على جليسه بحديث عذب، أكثره دعابة وأقله هزل. . . وإذا أردت أن تستمع إلى الجد الهازل، أو الهزل الجاد، فاجلس إلى الرافعي لحظات. . .
ولصوته رنة عذبة، كانت حبسة من مرض فعادت لحنا من الموسيقى؛ فأنت تميّز صوته بلهجته ورنينه بين مئات الأصوات. ولو سمعت الرافعي خطيبا لما حسبته هو الواقف أمامك يخطب؛ فإن صوته يعلو ويعلو، ويمتد امتداده في الجهات الأربع، ثم يعود إليك عود الصدى من مكان بعيد، أرن أغن مندفعا متحمسا ينسيك الزمان والمكان والناس، فإذا أنت حيث يريد أن ينقلك. ولكنك مع الأسف قلما تسمعه خطيبا، لأنه يجهد في الخطابة جهدا كبيرا يبلغ منه. فهو لا يخطب إلا حين يدعو نفسه أو يدعوه الموضوع، فيحمل نفسه على ما يكره. . . فإذا دعوته أنت أنكر على نفسه أنه خطيب؛ ومن أين له أن يعرف. . .؟
وفي الرافعي كثير من الاعتداد بالنفس بقدر ما فيه من التواضع، ولا أحسب أحدا يؤمن باجتماع هاتين الصفتين فيه من جلسة واحدة، فقد يستقبلك لأول ما يعرفك بدعابة أو نادرة، أو ينصرف عنك إلى كتابه، أو يقبل عليك في صمت وأنت تتحدث إليه، أو يأخذ عليك أشتات الحديث فلا يدع لك أن تتكلم، فتنصرف وما عرفت إلا لونا واحدا من أخلاقه. وجلساء الرافعي قليلون على كثرة من يعرفهم ويعرفونه.