زاد اهتمام الناس بعلم الفلك وزادت رغبة المنصور فيه، فشجع المترجمين والعلماء، وفي مدة خلافته نقل أبو يحيى البطريق كتاب الأربع مقالات لبطليموس في صناعة أحكام النجوم ونقلت كتب أخرى هندسية وطبيعية أرسل المنصور في طلبها من ملك الروم، واقتدى بالمنصور الخلفاء الذين أتوا بعده في نشر العلوم وتشجيع المشتغلين فيها، فلقد ترجموا إلى العربية ما عثروا عليه من كتب ومخطوطات للأمم التي سبقتهم وصححوا كثيراً من أغلاطها وأضافوا إليها.
وفي زمن المهدي والرشيد أشتهر في الأرصاد علماء كثيرون من أمثال (ما شاء الله) الذيألف في الأسطرلاب ودائرته النحاسية، وأحمد بن محمد النهاوندي. وفي زمن المأمون ألّف يحيى بن أبي منصور زيجاً فلكياً مع سند بن علي، وهذا أيضا عمل أرصاداً مع علي أبن عيسى وعلي أبن البحتري، وفي زمنه أيضا أصلحت غلطات المجسطي لبطليموس، وألّف موسى بن شاكر أزياجه المشهورة، وكذلك عمل أحمد بن عبد الله بن حبش ثلاثة أزياج في حركات الكواكب، واشتغل بنو موسى في حساب طول درجة من خط نصف النهار بناءً على طلب الخليفة المأمون، وفي ذلك الزمن وبعده ظهر علماء كثيرون لا يتسع المجال لسرد أسمائهم كلها، وهؤلاء ألّفوا في الفلك وعملوا أرصاداً وأزياجاً جليلة أدت إلى تقدم علم الفلك. أمثال: ثابت بن قرّة والمهاني والبلخي وحنين بن إسحاق والعبادي والبتاني الذي عدّه لالاند من العشرين فلكياً المشهورين في العالم كله، وسهل بن بشار ومحمد بن محمد السمرقندي، وأبو الحسنى علي بن إسماعيل الجوهري وأبو جعفر بن أحمد بن عبد الله بن حبش، وقسطه البعلبكي والكندي، والبوزجاني وابن يونس والصاغاني والكوهي والمؤيد العرضي وابنه وأبو الحسن، المغربي ومسلمة المجريطي وأبو الوليد محمد بن رشد وجابر بن الأفلح والبيروني والخازن والطوسي وابن الشاطر والفخر الخلاني وجمشيد والقوشجي والبطروجي والفخر المراغي ونجم الدين بن دبيران وعماد الدين الأنصاري وأولوغ بيك وقاضي زاده رومي والتيزيني والحزري وفتح بن ناجية وأبو الفتح عبد الرحمن والغزالي والتوفيقي وهبة الله والمدني ومبشر بن أحمد ومحمد بن مبشر. . . .