بعد أن نقل العرب المؤلفات الفلكية للأمم التي سبقتهم صححوا بعضها ونقحوا الآخر وزادوا عليها، ولم يقفوا في علم الفلك عند حد النظريات بل خرجوا إلى العمليات والرصد، فهم أول من أوجد بطريقة علمية طول درجة من خط نصف النهار، وأول من عرف أصول الرسم على سطح الكرة وقالوا باستدارة الأرض وبدورانها على محورها وعملوا الأزياج الكثيرة العظيمة النفع، وهم الذين ضبطوا حركة أوج الشمس وتداخل فلك هذا الكوكب في داخل أفلاك أخر، واختلف علماء الغرب في اكتشاف بعض أنواع الخلل في حركة القمر إلى البوزجاني أو إلى (تيخوبراهي) ولكن ظهر حديثا أن اكتشاف هذا الخلل يرجع إلى أبي الوفاء البوزجاني لا إلى غيره. وزعم الفرنجة أن آلة الإسطرلاب من مخترعات تيخوبراهي المذكور مع ان هذه الآلة والربع ذا الثقب كانا موجودين قبله في مرصد المراغة الذي أنشأه العرب، وهم (أي العرب) الذين حسبوا الحركة المتوسطة للشمس في السنة الفارسية وحسب البتاني ميل فلك البروج على فلك معدل النهار فوجده ٢٣ درجة و ٣٥ دقيقة وظهر حديثا انه أصاب في رصده إلى حد دقيقة واحدة، ودقق في حساب طول السنة الشمسية وفي حساب إهليليجية فلك الشمس فاستطاع أن يجد بعد الشمس عن مركز الأرض في بعديها الأبعد والأقرب وقد كانت النتائج التي وصل إليها قريبة جدا مما وصل إليه العلماء الآن، والبتاني من الذين حققوا مواقع كثير من النجوم، وقال بعض علماء العرب بانتقال نقطة الرأس والذنب للأرض، ورصدوا الاعتدالين الربيعي والخريفي وكتبوا عن كلف الشمس وعرّقوه قبل أوربا وأنتقد أحدهم وهو أبو محمد جابر بن الأفلح المجسطي في كتابه المعروف بكتاب إصلاح المجسطي وكان جابر يسكن في إشبيليه في أواسط القرن السادس للهجرة. وقد دعم انتقاده عالم آخر، أندلسي وهو نور الدين أبو إسحاق البطروجي الإشبيلي في كتابه الهيئة الذي يشتمل على مذهب حركات الفلك الجديد، ويقول الدكتور سارطون إنه بالرغم من نقص هذه المذاهب الجديدة فإنها مفيدة ومهمة جداً لأنها سهّلت الطريق للنهضة الفلكية الكبيرة التي لم يكمل نموها قبل القرن العاشر وأبحاثهم في الفلك أوحت لكبار (أن يكتشف الحكم الأول من أحكامه الثلاثة الشهيرة وهي إهليليجية أفلاك السيارات) وأخيراً نقول أن العرب عندما تعمقوا في درس علم الهيئة (طهروه من أدران التنجيم والخزعبلات وأرجعوه إلى ما تركه علماء اليونان علماً رياضياً