أدرك الأمر والدها، ورأى في فتاته ميلاً إليه قد ينتهي بالزواج. فأحب أن يحول بينهما، فصرف (شوبير) صرفاً أدبياً ليعود إلى عزلته الأولى. وشوبير في كل غيبته لم يذكر (ايمي) بكتاب. لأن كفة (كارولين) رجحت على كفتها. فلم تستقبله (ايمي) ولكنها سمعت أنه يكاد يغدو مجنوناً. وهو في كل يوم يرتقب كتاباً من (كارولين) وهاقد دب اليأس في نفسه بعد انتظار ثلاثة أشهر، وهاقد أشفقت (ايمي) عليه فهرعت إليه بدون إرادة ولا عزيمة. . . . وفي لحظة حضورها وردت عليه بطاقة من القصر تأمره بالحضور العاجل. فما قابل (ايمي) إلا ليودعها وتودعه
- ايمي! كوني سعيدة إنني مسافر، سوف أبعث إليك بأنبائي
انطلق (شوبير) ولا يعرف ما كُتب له. فشاهد في القرية حالة غير معهودة؛ أجراس تدق، وثياب بيضاء ترف. وأغنٍ تتعالى. إنه عرس (كارولين) أجئتَ يا شوبير لتودع كارولين؟
لم يكن صاحب البطاقة المرسلة إلا (ماريا) أخت (كارولين) دعت (شوبير) ليحضر حفلة زفاف أختها. وليصفح عنها لأنها كفَّرت عن وزرها بالبكاء الطويل، ولكنها أذعنت لوالدها مضطرة غير مختارة. . . وقد وقف (شوبير) بين الجموع يشهد مرورهما أمامه
وقفت (ماريا) فجأة بين جموع المهنئين في بهو القصر، تعلن أن (شوبير) يريد أن يهنئ العروسين (فدخل شوبير وقد رنت العيون إيه، ومشى حتى بلغ موقف (كارولين) وقال لها: (يا سيدتي! هل تتفضلين بأن أقدم تتمة اللحن الذي لم يتم تقدمة لك في يوم عرسك؟) واختلف إلى البيان يردد اللحن الأول (وكارولين) بين الجموع تنتفض طوراً وتختلج تارة تحت تأثير الذكريات الهافية حولها. تفيض على قلبها مرارة، وعلى محجريها تطفح دمعتان. وما كاد ينتق (شوبير) إلى تتمة المقطع، وقد اختلفت النغمة، وامتزج الجلال بالجمال، ونطقت العاطفة، وغلب القلب على الأنامل، حتى سقطت (كارولين) مستخرطة في البكاء في الموقع الذي قاطعت شوبير بضحكتها. فانفض الجمع وأخذوا المريضة. وشوبير مُسمَّر في مكانه لا يتزحزح. وبعد برهة عاد إليه زوجها يقول له:(إنها تحسنت قليلاً وتود أن تقابلك). عادت كارولين ووجهها مقنع بكل ما رسمت على وجهها الحياة منذ طفولتها حتى الساعة. فالآمال مجاورة للآلام. واليأس مؤتلف مع القنوط: إنه وجه حياة كاملة