للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فاعطفي أنتِ على الصغير البريء

واستجيبي لي. . . إنني أُم

تطلب الموت في سبيل ولدها

سلام عليك يا مريم

أرى طفلي ولد ثانية بالصلاة

كأنه الزهرة العاطرة، والمنحة الجميلة،

والجمال الجذاب، والسر المقدس،

انظري إليّ! أنت يا موضع أملي!

ولدي! إن جبينك ليسطع نوراً. . .

شكراً لك أيتها الأم الإلهية

أنتِ التي أنقذتِ ولدي

سلام عليكِ يا مريم. . .

هي مقطوعة تناجي بها أُم ثكلى (مريمَ) وتبثها شكواها. وقد برح بها الحزن وأمضها الألم. والآن تغلق قلبها المفتوح وتطوي ألمها المنشور، وتحس براحة نفسية، تصافح الألم فلا تراه شائكاً، بل هي الآن أوسع صدراً للألم لأنه لا يطغى على إيمانها. وقد تكون هذه الفكرة فكرة فنان شاعر يناجي مثله الأعلى الذي وجد فيه أمله الأسمى. فهو يحمل نفسه المجرّحة يريد أن يلقى لها منزلاً تنزل فيه، فيجد الأبواب كلها مسدودة، وهاهو ذا الآن على طريق المثل الأعلى الذي سلخه عن الوجود

قد تلاشى الحب في (شوبير) وانطفأت جذوته الملتهبة، وابتعدت ذكرياته العذبة. لا لأن شوبير محب كاذب يسهل عليه الاتصال والانفصال. ولكن شوبير قلبه قلب فنان، وقلب الفنان كبير، قد ارتسمت - على قلبه - كل أشواقه الماضية، وآلامه الغابرة وسرت معه لتؤلف (ذلك المثل الأعلى) بفنه الذي - كما قالت كارولين - إنه وحده يعطيه الخلود

وقد يتسائل القارئ: أما وقد عاد شوبير خائباً، فكيف التقت به (ايمي) فتاته الأولى؟ بقيت نقطة غامضة لم يعالجها المخرج ليترك المثل الأعلى منتصراً على كل شيء

- ٥ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>