وأول شيء في هذا الكتاب إغفال تسمية مؤلفه فيه، وأنه خالٍ من البسملة والحمدلة، عار من تقديم مقدمة قبل الشروع في المقصود، وعلة ذلك انقطاع دابر هذا الفن وأهله حتى لم تتألف من مشاهيرهم إلا طبقة محدودة. . . وليس هذا الكتاب مما ألف للإسكندر الرومي ثم نقل إلى العربية كما يظهر مما جاء على ظهره وهذا نصه:(كتاب البيزرة صنفه الحكماء المتقدمين (كذا) للملك الاسكندر الرومي؛ وهو كتاب عجيب مما يصلح بالملوك إذ لابد لكل ملك من مسير إلى صيد بأحد هذه الطيور الجوارح)، والذي أوقع الوراقين في هذا الوهم ما ورد في نحر الكتاب من أن ثقات الروم من أهل المعرفة؛ ذكروا أن الاسكندر الرومي قال للحكماء المحتفين بخدمته:(أريد أن تعرفوني بطبيعة البازي وأمراضه وعلامة كل مرض ودائه وهل طبيعته تقارب طبيعة الآدمي أم لا؟) وأنت تعلم قصور هذه العبارة عما يدعون، كيف وفي الكتاب نقل كثير عن حكماء العرب والمستعربين، ومنهم من صحب الرشيد!! فالكتاب إذن من طرائف عصر عربي راقٍ كما يظهر أيضاً من أسلوب إنشائه السهل الممتنع البليغ. ولا يبعد أن يكون مؤلفه من رجال أواخر القرن الثالث أو الرابع للهجرة. يدلنا على ذلك أن المسعودي المتوفى سنة ٣٤٦ أورد في مروج الذهب عن الجوارح فصلين ترجح - بقول الأستاذ - أنهما منقولان عن هذا الكتاب باختلاف يسير
وروى لنا خبير أن في خزانة باريز كتاباً رقمه ٢٨٣١ بدون اسم إلا أنه كتب على ظهره بخط غير خطه:(كتاب الجوارح والبزدرة تصنيف الفيلسوف (أبو) بكر بن يوسف بن أبي بكر أبن حسن بن محمد القاسمي القرشي العلوي الأشعري) تاريخ كتابته سنة ٨٤٨هـ
فاسم هذا الكتاب طبق المحز وأصاب المفصل من الكتاب المماثل أمامي الآن، لكن لا تزال حقيقة مؤلفه مبهمة مجهولة. هذا وكتابنا جزآن أو مقالتان، في المقالة الأولى ٥٢ باباً في تاريخ الصيد بالجوارح وتقسيمها إلى أقسامها وكيفية ترتيبها وسياستها ثم إرسالها إلى غايتها
وفي المقالة الثانية ٦٣ باباً في أدواء الجوارح وعللها وما يتخذ لعلاجها من المركبات فجملة الأبواب ١١٥ باباً في حجم ١٤٥ قائمة أو ٢٩٠ صحيفة صغيرة مخطوطة خطاً واضحاً متأخراً، أغاليطه يخطئها العد، وفي آخره:(وقع الفراغ من كتابة هذه البيزرة نهار السبت ١٢ جمادى الأخرى سنة ١٢٠١ من الهجرة على يد ملامط ابن عبد الله الطرفي) اهـ.