للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كلام الأستاذ الشبيبي

أما الكتاب الذي أصفه اليوم فقد وقع عليه صديقنا الوراق العالم الشيخ حمدي السفرجلاني في خزانة قديمة في دمشق فعرف قدره فاشتراه. ثم كانت له قصة انتهت بأن بيع الكتاب إلى أحد المولعين بالكتب القديمة من الإفرنج وبقيت منه النسخة الفوتوغرافية التي أصفها عند الأستاذ السفرجلاني

وكتابنا - وإن لم يعرف مؤلفه - من أقدم الكتب المصنفة في هذا العلم وأجلها. فقد وضع للعزيز بالله أبي منصور نزار بن المعز معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بالله محمد بن المهدي العبيدي الفاطمي صاحب مصر والشام المتوفى في الحمام يوم الثلاثاء ٢٨ رمضان سنة ٣٨٦هـ

وكانُ مغرى بالصيد، يصيد بالحبل والجارح من الطير ويصيد بالسباع. وكان مؤلف الكتاب كما يتحدث عن نفسه من بيازرة العزيز والمقربين إليه، وكان غالباً في التشيع لا يذكر العزيز مرة إلا صلى عليه وسلم! ومن قوله وهو يتحدث عن بازٍ: (ولم أر في المدة التي لزمت فيها الصيد ومبلغها عشرون سنة إلى أن صنفت كتابي هذا في علم البيزرة مثل هذا البازي على كثرة ما رأيت منها. ولقد وصل إلينا في ليلة واحدة مائة باز من الشرق والغرب. فكم تراه يصل في كل سنة محمولاً إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، مما لم يحمل إلى ملك قبله كثيرة وجوده، وكل ذلك أتولى تدبيره، وأمارس تضريته، والاصطياد به الخ)

وقال في آخر الكتاب:

(وقد كان مؤلف هذا الكتاب في جملة البيازرة متقدماً عليهم - لا في جملة واحد منهم لا يحسن شيئاً من البيزرة، ثم أفرده أمير المؤمنين صلى الله عليه عنهم، وله من العمر إحدى عشرة سنة، وعلمه وهو لا يملك عشرة دراهم وعليه ثواب - ثم خرج في صناعته إلى ما قد شاهده الناس وعرفوه، ورقى أمير المؤمنين صلى الله عليه منزلته إلى أن صار اقطاعه عشرين ألف دينار، وبلغ المنزلة التي لو رآها في النوم لما صدقها، فلا يخْف عن الناس ما كان فيه، وما صار إليه)

والكتاب كله من النمط العالي في إنشائه وأسلوبه، وهو مشحون بالفوائد والأخبار الأدبية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>