للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جميع شهاداته الماضية فتتلمذ للسر آرنلد. فكان السر آرنلد يعترف دائماً بذكاء تلميذه المتوقد واستعداده للفلسفة ويفتخر به إلى أن أتم الدكتور دراسة الجامعة ونال شهادة مع مدالية ذهبية

عين الدكتور بعد إتمام دراسته مباشرة أستاذاً للفلسفة والسياسة المدنية في الكلية الشرقية بلاهور ثم أستاذاً للفلسفة واللغة الإنجليزية في كلية الحكومة بلاهور. فصنف في أيام تدريسه كتاباً في السياسة المدنية باللغة الأردية. وكان الدكتور طول مدة التدريس في الكليتين حسن الصيت في العلم والفضل عند أساتذتهما، وممدوح الخلال مأثور المحامد عند تلاميذه

لم يسمح للدكتور عشقه للعلوم وطموحه إلى التوسع فيها بأن يقنع بتلك الوظيفة؛ فهجر في سنة ١٩٠٥ وطنه وأقاربه ثلاث سنوات طلباً للتوسع والمزيد في الفلسفة والقانون وللتحقيقات العلمية الأخرى إلى إنجلترا والتحق بجامعة كمبردج ونال منها شهادة في فلسفة الأخلاق، ثم انتقل إلى ألمانيا والتحق بجامعة مونيخ فيها ونال منها شهادة الدكتوراه في الفلسفة، ثم رجع إلى إنكلترا والتحق بجامعة لندن ونال منها شهادة المحاماة -

إن كثيراً من طلاب الشرق حينما يذهبون إلى الغرب يجدون أنفسهم في عالم جديد لم يخطر ببالهم ولا هجس في ضمائرهم، إذ الفوضى الأخلاقية قد استحكمت عراها، والإباحية قد شيدت وطائد رباها، وأبواب المفاسد المفتوحة، ودواعي الخلاعة مسروحة. فيندفعون في تياره ويضيعون فيه أوقات فراغهم حتى أوقات أشغالهم، ولكن الدكتور لم يضع أوقاته، بل كان يستغل حتى وقت فراغه فقد سعى فيه لخدمة الإسلام بتبليغه إلى العوام، إذ ألقى في غضون قيامه في إنجلترا ست محاضرات في الإسلام بين حشد الخاص والعام. وقد منح الله الدكتور العبقرية الشاملة وأسبغ عليه جميع مزايا النبوغ، فهو ناثر بليغ كما هو ناظم مطبوع، وكاتب بارع كما هو خطيب مصقع فكان لمحاضراته رنة بين الناس ووقع حسن في أوساط العلم والأدب

وإذا كان غاية ما يبتغيه الأستاذ من تلميذه ويتمنى له، لعكوفه على تعليمه ومكابدته في تهذيب نفسه وتنوير عقله، أن يبلغ منزلة في العلم والأدب، وأن يقوم بمهمته أتم قيام، وأن ينوب عنه أحسن مناب لا يشوبه خلل، ولا يعتريه أود ولا يخالطه وهن ولا أمْت. فقد بلغ

<<  <  ج:
ص:  >  >>