الطفلة التي كانت كقطرة المداد يمهر بها إعلان الحرب!
شبت هيلين وشبت في أثرها شياطين الفتنة؛ وكبرت، وكثرت تحت قدميها مصارع العشاق!
لقد كان جمالها أسطورةً مصورةً في السحب، موشاةً بذهب الأصيل! كانت نظراتها تغتذي بأرواح المحبين في غير شره، وترتوي بماء حياتهم في غير نهم. . . وإن كان محبوها يحصون بالآلاف. . .!
وهي لم تعمد يوماً إلى قتل هذه الأرواح المظلومة؛ ولم يكن ذنبها كذلك أن تنظر فتصرع، أو تنعس فتُصمي. . . ولكن القتل كان يذهب بأرواح عاشقيها عفواً كلما نظرت هنا أو هنا. . . وذاك هو القتل البريء. . .!
وكان لها فم شَتيتٌ حلو، أودعت فيه السماء أسرارها، وصبغته عرائس الفنون بحمرة القبل؛ فهو دائماً يبتسم، وكل ابتسامة منهُ تحي وتُميت!
وخداها الأسيلان كذلك! لقد كانت لهما نعومة ولمعة، و (نونةٌ) خلابة، هي ملتقى الفتنة بين الخد والفم والعين والأنف!!
ثم عنقها الطويل البلوري الشفاف، وجيدها الممتلئ الخصب! وجسدها الرخص المرمري! وساقاها الملتفتان، يختلط في بشرتهما بياض الندف بحمرة الورد!
هذه هي هيلين!
فإذا فترت العينين؛ وأرخيت الأهداب الكحيلة السوداء، ذات الوطف؛ وأرسلت نظراتك المذهولة ترف بالخد والجيد، والفم النضيد، فترتد إلى فؤادك بأحمال الحب، وأثقال الهوى. . . رأيت التمثال المعبود الذي خلب ألباب أمراء هيلاس، وأجج قلوبهم بالفتنة، وقرح أجفانهم بالسهاد!
لم تنشأ هيلين مع ذاك في حجور الآلهة، إذ تزوجت أمها، بعد أن هجرها زيوس، من تنداريوس، أحد أمراء هيلاس، فترعرعت الطفلة في مهاد النعمة، وسعدت بالهناءة والعيش المخفرج حتى كانت هيلين التي رأيت!؟
وقد تقدم إلى خطبتها كثير من سادة الإغريق ونبلائهم، ولكن أحداً منهم لم تقبله هيلين بعْلاً لها. . . لا لعيب فيهم. . . ولكن القلب!!