أجل، لم يكن يتفتح قلب هيلين الأولمبية الرائعة، إلا لكل جميل رائع! ولما لم يكن في كل من تقدموا لخطبتها من هو سليل الآلهة مثلها، فقد رفضتهم جميعاً، وعلة ذاك هذا الدم المتكبر الذي يتدفق في عروقها، وذلك الجمال المعبود الذي كان أكثر من أن يحصر في امرأة واحدة!!
وجرت الألسن في هيلين، وجمال هيلين، وعشاق هيلين. . والساخطين على هيلين ممن جرحت كبرياءهم لرفضها إياهم، ولقي زوج أمها من جراء ذلك هولاً شديداً ورهقاً. . .
تحدثوا أن عشاق هيلين، ومنهم أبطال هيلاس وشجعانها وذوو الصولة والجبروت فيها، كانوا يضربون معسكراتهم حول بيت زوج أمها، يطمع كل منهم أن يفوز هو بيد هذه الغادة ذات المفاتن، التي أذلت الأعناق العزيزة، ورغمت بها الأنوف الإغريقية الشماء!
وخشي تنداريوس أن تشب الحرب بينهم، لو أن هيلين قبلت أحدهم زوجاً لها دون الآخرين. . . وأسقط في يده حين تقدم منالايوس، ملك أسبارطة، وسليل الآلهة أيضاً، إلى هيلين يطلب يدها. . . فلما أسرت الفتاة إلى زوج أمها أنها ترضى ملك إسبارطة بعلاً لها، تضاعف فزعه، وازدادت خشيته، وأيقن أنه لو أنفذ من أمر ذلك الزواج شيئاً، فان أمراء هيلاس بأسرهم يصبحون له أعداء ألداء، وهو لا حول له بعداوة أحدهم بمفرده ولا طول!!
ولجأ تنداريوس إلى الحيلة. . .
لقد أقام حفلاً شائقاً دعا إليه كل من تقدموا لطلب يد هيلين، وبالغ في إكرامهم والاحتفاء بهم، ثم خطبهم فتحدث عن فتاته وما كان من أمر خطبتهم لها وعدم التوفيق في إنجاز شيء مما أقدموا له واختلفوا فيه. . .: (أفأن بدا لهيلين يا سادة أن تختار أحدكم ليكون لها زوجاً من دونكم انقلبتم على أعقابكم وثرتم بمن يقع عليه اختيار الفتاة فقتلتموه أو فضحتموه في عرضه، وجعلتم اسم هذا البيت الكريم مضغةً في أفواه الهيلانيين وجيرانهم؟؟ إنما نريد أن نتقي هذا الشر فلا يستطير، ونتدارك الأمر؛ فلا ندعه همجية بيننا؛ ولن أكلفكم في سبيل ذلك شططاً. . . يمين، يا سادة، صادقة، تقسمونها فتكون عهد الوفاء بيننا، أن ترتضوا جميعاً ما ترتضيه هيلين، وأن تكونوا يداً على من يحنث ولو كان أعزكم جانباً وأكثركم قوة. . . بل لنتفق جميعاً على أمر يكون أعم مما أشرت إليه، أن نكون يداً على من تحدثه نفسه بالأضرار بهيلين أو بِسَبْيها، فقد تحدث إلي من عنده علم أن بعضكم ينتوي هذه النية