تنتقل بسرعة بينه وبين قيانها وحسانها! فلما التقت عيناها بعينيه غمزت قلبه الضعيف الغض بسهمٍ مُراش من عينيها الساجيتين، انطلق إلى جوانحه في بروقٍ من بسماتها. . . ورعود!
لقد زلزل قلبه. . .
وأحس كأن قوى خفية تجذب روحه لتمرغها تحت قدمي هيلين! وطفق يفكر ويفكر أين رآها من قبل. . . ولكن بلا جدوى. . .
ثم بدت له فينوس بحيث لا يراها أحد غيره. . . وقالت له:(هِيَ. . . هي. . . كن شجاعاً!). . . ثم غابت ربة الحسن. . .
فذكر ماضيه القريب، وذكر ما وعدته به فينوس، وذكر أن هيلين إن هي إلا صورة أرضية. . . سماوية. . . من ربة الحب، وأنها مخلوقة كخلقها، عذوبة روح، ورقة نفس، ودفء دم، وسحر عيون. . .
فصمم على أن تكون له!!
ولبث باريس في ضيافة الملك أياماً كانت تتصرم كأطياف الأحلام! ثم حدث حادث جلل في أطراف المملكة استلزم وجود الملك نفسه ليرى رأيه فيه، فلما كان يوم السفر ودع منلايوس زوجته الحسناء، وأوصاها بإكرام ضيفه العظيم، باريس، (ابن صديقي ملك طروادة!). فطمأنته هيلين، وخرجت تودعه، حتى إذا كانت عند أسوار ليسديمونيا، حيته تحية فاترة. . . وعادت لترعى عصفورها الغِرّيد. . .!!
أقبلت هيلين على ضيفها غير هيابة، وأقبل هو عليها في غير وجل. أقبلت عليه تؤانسه كما أوصاها زوجها! وأقبل هو عليها يغازلها، ويبحث فيها عن أجمل امرأة في العالم كما وعدته فينوس!
(هيَ هيَ. . . كن شجاعا!). وهكذا كانت تتردد هذه العبارة المقتضبة في أذني باريس كلما ذكر الوفاء وشكران الجميل؛ وكلما هم أن يبتعد بقلبه عن زوجة الملك الكريم المضياف الذي احتفى به وأكرم مثواه. . .
(هيَ هيَ. . . كن شجاعاً!) إذن فليكن باريس شجاعا كما أمرته فينوس! ليقترب من هيلين في هذه الخلوات الحلوة التي تمن عليه بها، فتستطيل كل مرة إلى ساعات وساعات؟