للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علموا إنها قد بدأت تحتك بهوائنا فإذ استعانوا بآلات راصدة سليمة لم يتسرب إليها الخلل وكان عقل الراصد سليماً لم يتسرب إليه الخلل استطاعوا أن يعرفوا على وجه التقريب درجة ارتفاع الهواء عن أديم الغبراء.

وهنالك طرق أخرى يقاس بها عمق الفضاء ولكن لن أتعب نفسي وأجهد القارئ في شرحها وتفهمها. وقد يتفضل بعض الأصدقاء (من العلماء) بالرد على هذا المقال؛ ثم يتوسع في الشرح والبيان بما يشفي غلة الظمآن.

علمنا إذن أن هذا الكوكب يشمله الهواء من جميع النواحي. ولحكمة إلهية عظيمة قد أحيطت الأرض بهذا الغطاء الكثيف الذي يحول دون أن تنفذ إلى الفضاء رائحة ما بالأرض من أدران وآثام. وما يغشاها من بغي وظلم. . فلنحمد العناية التي عملت على وقايتنا شر الفضيحة، فلم تطلع سكان السماوات على ما انغمست فيها أرضنا من إثم ورجس وفسوق وعدوان.

هذا الغلاف العظيم الذي يحيط بالأرض ليس هادئا ساكناً بل فيه حركة دائمة. وهذه الحركة هي التي نحسها حين نحس بهبوب الرياح. وأول سؤال يعرض لنا طبعاً هو: لماذا يتحرك الهواء ولماذا تهب الرياح؟

إن الشاعر العربي يتساءل: (أم هبت الريح من تلقاء كاظمة؟) ويريد هو واتباعه من الغاوين أن يوهموا العالم إن الريح ما هبت من تلقاء كاظمة إلا لكي يستطيع حضرته إن يمزج دمعاً جرى من مقلة بدم! ونحن نؤكد للشاعر الفاضل إن الريح لا يهمها إذا كان يمزج دمعه بدم أو يمزج الماء بالراح أو الوسكي بالصودا. . وإذا كانت الريح قد هبت من تلقاء كاظمة، فما ذلك إلا لأن الضغط الجوي شديد (عال) في جهة كاظمة وخفيف يسير (منخفض) في الناحية التي كان بها الشاعر.

ولقد يقف القارئ عند كلمة الضغط هذه ويتساءل (وحق له أن يتساءل) كيف يكون في الجو ضغط شديد أو غير شديد؟ إنّا نسلم بان في الأرض ضغطا وظلما واستبدادا يتفاوت من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان ولكن أيكون في الهواء ضغط وهو تلك المادة اللطيفة؟

والجواب على هذا السؤال بالإيجاب. فان الهواء في بعض النواحي شديد الضغط ونواح

<<  <  ج:
ص:  >  >>