أخرى خفيف الضغط، فيدفع الهواء من الناحية التي يشتد بها الضغط إلى الناحية التي يخف بها الضغط منحرفاً في سيره إلى اليمين قليلاً في نصف الكرة الشمالي وإلى اليسار في نصف الكرة الجنوبي.
وهكذا تحدث الرياح وكلما كان الفرق بين الضغطين كبيراً ازدادت الرياح شدة وقوة. فيكون الاختلاف بين الرياح: فمن نسيم عليل إلى إعصار عنيف.
ثم يعرض لنا سؤال آخر نحاول أن نفر منه فلا نستطيع إلى الخلاص منه سبيلا. ذلك إننا وان سلمنا بان الرياح انتقال الهواء من جهة ذات ضغط شديد (عال) إلى جهة ذات ضغط خفيف (منخفض)، فأننا لابد أن نتساءل لم كل هذا الاختلاف في الضغط؟ ألا يمكن تطبيق مبدأ المساواة المجيد ولو في الهواء، مع العلم بأن المساواة في الظلم عدل؟
هنالك لابد لنا أن نقرر والحزن يملأ قلوبنا إن ليس في العلم (ويا للأسف!) مساواة. انظر حيثما شئت تجد التباين والاختلاف! انظر إلى البحار تجد منها العميق الذي لا يسير له غور والضحل القريب المنال. والأنهار منها الضعيف القليل الماء ومنها المفعم السريع الجريان. ثم انظر إلى اليبس تر فيه جبالاً شاهقة قد رفعت رأسها فوق السحاب وفي ناحية أخرى ترى سهولاً مبسوطة وأودية وطيئة.
إذن فلا عجب إذا اختلف ضغط الهواء على وجه الأرض وأسباب هذا الاختلاف كثيرة، وأهمها من غير شك اختلاف حرارةالأقاليم، فحيث الحرارة الشديدة يتمدد الهواء ويخف وزنه وضغطه ويحاول الصعود إلى أعلى فيندفع الهواء من جهات حرارتها أقل من حرارة تلك الأقاليم ليحل محل الهواء المتمدد الصاعد ويسد الثغرة التي أوشكت أن تحدث. وإذا كنا نحن في مصر نحسّ رياحا آتية من الشمال ذاهبة نحو الجنوب (نحو خط الاستواء) مارة ببلادنا العزيزة فتنعشها وتبردها ومن اجلها أحببنا لمنازلنا أن تطل على الشمال. فان هذه الرياح هي من ذلك النوع وهي الرياح التجارية بالذات - تمر بنا وهي ذاهبة إلى الأقاليم الحارة لكي تحل محل ذلك الهواء الخفيف المتصاعد في تلك الأقاليم.
هذا بعض السبب في اختلاف ضغط الهواء من مكان إلى مكان. وهنالك أسباب أخرى مثل دوران الأرض وتوزيع الماء واليابس وغير ذلك من أمور لا نريد أن نطيل شرحها خوفاً من أن ينقلب هذا الحديث إلى درس من دروس الجغرافية.