عدن يتعاطى الأعمال التجارية، وله مداخلة مع جميع طبقات الناس، ويعاشر كلاً على مشربه خيراً أو شراً، يجتمع باللورد كرومر وبمختار باشا (الغازي) وبسائر الوزراء والكبراء وكتاب الجرائد، وله صحبة مع أصحاب المقطم أثنوا عليه يوم جاء مصر، وفي هذه المدة الأخيرة أقامه الشيخ الميرغني الشهير خليفة على تلاميذه في شرقي أفريقيا إلى رأس الرجاء، ولا نعلم ما يكون من أمره، وقد وعدنا بالمساعدة في أمر الجريدة (المنار)
(١٦) مصر وما أدراك ما مصر!! وصلنا إليها قبيل العصر يوم السبت الماضي، وأتينا تواً للأزهر؛ فتلقانا الشيخ إسماعيل (الحافظ) وغيره، وشربنا الشاي في غرفة الشيخ بدر الغزي - يظهر أنه بابي على مذهب شيخه - وفي ضحوة يوم الأحد ذهبت لزيارة المصلح العظيم الأستاذ الشيخ محمد عبده ومعي الشيخ إسماعيل والشيخ أبو النهي. قعدنا في المندرة وأعطيت العبد بطاقة الزيارة فأوصلها إليه في الحريم. فلم يلبث أن نزل وهي في يده ولم يتركها مدة جلوسنا، بل جعل يقلبها بيده ويتكلم
سألنا أولاً عن أستاذنا الشيخ حسين أفندي (الجسر) ثم عن عزيز أفندي سلطان ومحمد باشا المحمد، ثم عن طلبة العلم وشيوخهم وتعليمهم. ومما قلنا إن الطلبة نحو مائتين والمستفيد المجتهد نحو اثنين
ثم أنشأ يتكلم عن حالة الأزهر والأمة. فعلمنا أن ما كنا نعتقده فيه من أنه موجه كل همه وسعيه للأزهر صحيح. ومن جملة كلامه أن سعادة هذه الأمة في الأزهر، وأن شقاءها من إهمال الأزهر. وإنه لا يرى نفسه سعيداً إلا إذا نجحت مساعيه في إصلاح التعليم فيه. وإنه إذا رأى انتظامه قبل موته يموت قرير العين ويرى أنه ملك عظيم، وحدثنا بأمر الامتحان في الأزهر حديثاً كله تنديد بشيوخه وبتعليمهم، بل قال إن الكثير من مدرسي الأزهر لا قابلية فيه الآن لأن يكون طالب علم: ومنهم من يصلح اليوم لأن يطلب العلم من طريقه
قال: كنت في الامتحان أسأل أحد الطلبة عن عبارة فيحل ألفاظها المفردة بإرجاع ضمائرها وبيان متعلق ظروفها - هذا إن أحسن الجواب - فأسأله عن المراد بهذه العبارة فلا يحير جواباً. قال لأحدهم مرة: ما مراد المصنف من هذه العبارات - ثلاث مرات - وهو يعيد له الحل السابق. فقال له في الأخير: إن مراده كذا، فقل مثلما قلت؛ فلم يحسن ذلك. وقال - بمناسبة ذم كتبهم: - سألت أحدهم في المنطق فأجاب بما يبعد عن الصواب. قال: فقلت: