للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من أين لك هذا الكلام. فقال: من حاشية الصبان على السلم. قال: فلم أصدقه فنظرت في الكتاب فرأيتها كما قال. فقلت للشيوخ كيف يعرف المنطق وشارحه لا يعرف المنطق ومحشّيه (الصبان) لا يعرف المنطق

قال: كان مراده من العام الماضي قلب هيئة الأزهر دفعة واحدة، لكن قيل له إن الشيوخ يصعب عليهم ذلك، ولابد من أخذهم بالتدريج

وقال: إن مداخلته بالحكومة إنما هي لأجل الأزهر لأنه لولا مركزه في الحكومة لا يقبل له قول ولا يستطيع أن يعمل شيئاً فيه. وانه يعلم أن كثيراً من الشيوخ الذين ينقادون له الآن ساخطون عليه في نفوسهم، مع أنه سعى لعلماء الأزهر بمبلغ خمسة آلاف جنيه بعضها من الحكومة وبعضها من الأوقاف، وكانوا في غاية الضيق

مما ينقمون عليه أنه لا يطول أكمامه، مثلهم، وأنه يركب الحصان ويلبس الجزمة عند ركوبه كما فهمت من الشيخ إسماعيل فتأمل. وقال: لما ولاه الخديو السابق القضاء قال لناظر الحقانية: أنا خلقت لأن أكون معلماً لا لأن أكون حاكماً: أقول حكمت على فلان بكذا وعلى فلان بكذا. فقل للخديو يجعلني في دار العلوم، فلم يرض الخديو، وقال: إن الحكومة أرادت الإصلاح بكذا وكذا

قال: وإن المصريين منهم من يعتمد على فرنسا وعلى. . . وعلى. . . وكل هذا أوهام، والصحيح أنه لا يضمن لنا الاستقلال والحياة للأمة إلا شيء واحد وهو التربية والتعليم الصحيح

ثم تكلم عن ضعفنا وقوة أوربا: إن جميع ما حولنا - لاسيما حكامنا وعلماءنا - يدل على اليأس، ومع هذا فان لي أملاً كاملاً، ويوجد رجل آخر في مصر له نصف أمل سأسأله عنه، ثم بكلام تاريخي عن حالة أوربا في ضعفها وكيف قويت

سألته عن الكتاب المعهود، فقال: إنه لم يتمه وأنه لابد منه ومن كتبٍ أخرى. لكنه يحتاج إلى مساعد حاذق أمين: يفحص له عن النصوص؛ فان جميع أرباب التآليف الكثيرة كالغزالي وغيره كانوا كذلك، وإلا فان الوقت لا يتسع لتلك المؤلفات. وإنه لم يجد ذلك المساعد ولا بالمال. فقلت له: (ستجدني إن شاء الله من الصالحين) وربما يحصل بيني وبينه ارتباط عظيم. ولو جئت مصر غير متعلق بغيري ربما كان أولى؛ فإني أجد قبولاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>